وجوب إتمامه ـ فهل هو كما إذا فسخ بعد العمل أو لا؟ وجهان أوجههما : الأول [١]. هذا إذا كان الخيار فورياً كما في خيار الغبن إن ظهر كونه مغبوناً في أثناء العمل ، وقلنا إن الإتمام منافٍ للفورية ، وإلا فله أن لا يفسخ إلا بعد الإتمام. وكذا
______________________________________________________
[١] كأن وجهه : أن الممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً ، فالإجارة تكون على الحدوث لا على الحدوث والبقاء ، فيستحق الأجرة بمجرد الحدوث. لكن لازم ذلك ثبوت الأجرة وإن لم يتم العمل ، وهو كما ترى.
وبالجملة : إذا جوزنا وقوع الإجارة على الواجب ، واستحقاق الأجرة بفعله ، فلا مانع من أن تكون الإجارة في مثل الفرض على الحدوث والبقاء. فاذا فسخ في الأثناء كان الإتمام واجباً عليه تكليفاً ، غير مستحق عليه بالإجارة ، فإن أتم فقد أدى الواجب ، وإن قطع عصى ، وليس لأحد حق عليه. مع أن الامتناع العقلي إذا كان بالاختيار لم يكن منافياً للاختيار ، ولا مانعاً من وقوع الإجارة عليه. ومن ذلك يظهر لك الوجه الثاني.
وقد يتوهم : أن الوجوب كان بتسبيب المستأجر ، فيكون التدارك عليه. وفيه أن التسبيب غير مختص به ، بل كان من كل من المؤجر والمستأجر. مع أن مثل هذا التسبيب لا يقتضي الضمان ، لعدم الدليل عليه بعد أن لم يكن موجباً لنسبة الضرر اليه عرفا. بل الأولى نسبته إلى الأجير نفسه ، لأنه هو الفاسخ الذي فوت على نفسه الأجرة المسماة.
ومثله توهم : أنه كان بتغرير من المستأجر ، فيرجع إليه بقاعدة الغرور. إذ فيه : أنه لا تغرير من المستأجر بعد أن كان العقد مشتركاً بينهما. والوقوع في المحذور إنما كان من فسخ الأجير نفسه ، بل هذا التوهم موهون جداً.