______________________________________________________
جواز التمسك بعموم ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) فإنما يقتضي الصحة أيضاً ولا يقتضي كونها مضاربة ، وأما الإطلاقات المقامية فلا تجدي شيئاً ، إذ مقتضاها صحة المضاربة التي عند العرف ، ولم يثبت أن المعاملة على الدين والمنفعة مضاربة عند العرف ، والأصل عدم ترتب أحكام المضاربة عليها.
نعم إذا كان مراد الأصحاب من عدم الصحة في الدين والمنفعة عدم الصحة مطلقاً لا مضاربة ولا غيرها ، كان الاشكال عليهم في محله ، إذ الصحة مقتضى بعض العمومات. اللهم إلا أن يدعى اختصاص العمومات بالعقود المتعارفة ، فلا تقتضي صحة غيرها. لكنه محل منع ، إذ لا مقتضي لهذا التخصيص ، والأصل عدمه. اللهم إلا أن يقال : الأصل رجوع الربح إلى مالك الأصل ، فثبوته لغيره خلاف دليل صحة المعاملة على ماله ، فيكون الأصل بطلان العقد المذكور ما لم يقم عليه دليل بالخصوص. وفيه : أن المضاربة لما كانت من سنخ المعاوضة ، لأن الحصة من الربح في مقابل العمل ، فالمراد من دخول حصة الربح في ملك العامل أن ذلك بعد أن تدخل في ملك المالك ، عملاً بمقتضى المعاوضة ، ليكون ضمان عمل العامل بمال المالك في ظرف أنه مال المالك ، ولا بد أن يكون ذلك بعد الدخول في ملك المالك ، وهكذا ما كان من هذا القبيل. وأما الإجماع على اشتراط ذلك فالقدر المتيقن أنه شرط في المضاربة ، لا مطلقاً. ومن ذلك تعرف الاشكال فيما ذكره في الجواهر في شرح قول ماتنه : « ولو دفع آلة الصيد كالشبكة بحصته ، فاصطاد ، كان الصيد للصائد ، وعليه أجرة الآلة » ، قال في الجواهر : « لم يكن مضاربة قطعاً ، لانتفاء الشرط ، ولا شركة ، لعدم الامتزاج ، ولا اجارة ، لعدم معلومية الأجرة ، فليس هي إلا معاملة باطلة ». وحاصل الاشكال : أنه لا دليل على انحصار المعاملة الصحيحة
__________________
(١) المائدة : ١.