______________________________________________________
وكأنه مبني على أن المعيار في تشخيص المدعي والمنكر مصب الدعوى فان دعوى المالك أن المجعول في العقد الحصة الدنيا دعوى إيجابية ، كما أن دعوى العامل أن المجعول في العقد الحصة العليا دعوى إيجابية ، فكل منهما مدع دعوى إيجابية ينكرها الأخر ، فيكونان لذلك متداعيين ، حكمهما التحالف ، وعلى هذا المبنى ذكر في جامع المقاصد في كتاب الإجارة أنه لا ريب في قوة التحالف إذا اختلف المؤجر والمستأجر في قدر الأجرة وفي قدر المستأجر ( بالفتح ) وعلله بما ذكرنا ، ونسبه بعض إلى جماعة أيضاً ، لكن عرفت ضعف المبنى ، وأن المعيار في تشخيص ذلك الغرض المقصود من الدعوى ، وأما مصب الدعوى بلا غرض فمما لا مجال لوجوب سماعه ، فإنه غير ملزم ، ولا يترتب عليه فائدة ثبت أم لم يثبت فلا يكون معياراً ، كما أشرنا الى ذلك في مباحث التنازع من كتاب الإجارة.
وأما ما أشكله في الجواهر على جامع المقاصد بقوله : « لا ريب في أن كلاً منهما مدع ومنكر ، إذا كان نزاعهما في تشخيص ما وقع عليه عقد المضاربة ، ضرورة اقتضاء الأصل عدم كل من الشخصين. نعم بعد تعارض الأصول في ذلك يرجع إلى أصل آخر ، ولا ريب في كونه مع المالك ، لأن الأصل عدم استحقاق العامل الزائد .. ». ففيه : أن الأصل المذكور لا يثبت إحدى الدعويين ولا ينفيهما ، وإنما يتعرض لأمر آخر ، فكيف يكون مرجعاً للحاكم في حسم النزاع بين المتداعيين؟!. فالعمدة : ما ذكرنا من ضعف مبنى التحالف في المقام ، وان التحقيق أن المعيار الغرض المقصود ، وهو في المقام متعلق بالزائد على الأقل ، وهو مورد النفي من أحد الخصمين والإثبات من الآخر ، لا مورد الإثبات من كل منهما ، كي يكون المقام من التداعي الذي يكون المرجع فيه التحالف ، فالمالك ينفى الزائد ، والعامل يثبته ، فالأول منكر ، والثاني مدع. وإذا لاحظنا