حكمها بعناوينها الثانوية وقع المزاحمة بين المقتضيين ، ويؤثر الأقوى منهما لو كان في البين ؛ وإلا (١) لم يؤثّر أحدهما ، وإلّا (٢) لزم الترجيح بلا مرجح ، فليحكم عليه حينئذ (٣) بحكم آخر ؛ كالإباحة إذا كان أحدهما مقتضيا للوجوب ، والآخر للحرمة مثلا.
وأما (٤) صحة الصوم في السفر بنذره فيه ـ بناء على عدم صحته فيه بدونه ـ وكذا
______________________________________________________
الحرمة يكون الحكم الفعلي تابعا لأقوى المقتضيين لو كان أحدهما أقوى من الآخر ، ولو كانا متساويين : تساقطا لقبح الترجيح بلا مرجح عقلا ، فيحكم عليه بحكم آخر غير ما يقتضيه الدليلان ـ كالإباحة ـ يعني : بها العقلية ـ وهي التخيير ـ فيما إذا كان أحدهما مقتضيا للوجوب ، والآخر مقتضيا للحرمة.
(١) يعني : وإن لم يكن أحدهما أقوى ، بل كانا متساويين «لم يؤثر أحدهما».
(٢) يعني : لو أثّر أحدهما مع عدم كونه أقوى «لزم الترجيح بلا مرجح» ، وهو باطل عقلا.
(٣) يعني : فليحكم على الشيء حين تساوي المقتضيين بحكم آخر كالإباحة فيما إذا كان أحد المقتضيين مقتضيا للوجوب ، والآخر للحرمة.
(٤) يعني : وأما الجواب عن التأييد الذي ذكره المستدل من «صحة الصوم في السفر ..» إلخ ، قوله : «وأما صحة الصوم في السفر ..» إلخ. شروع في بيان الجواب عن التأييد الذي ذكره المستدل بالعمومات لإحراز حكم الفرد المشتبه من غير جهة التخصيص.
وقد أجاب المصنف عن هذا التأييد بوجوه :
الوجه الأول : ما أشار إليه بقوله : «فإنما هو لدليل خاص كاشف عن رجحانهما» ، وحاصل هذا الوجه : يرجع إلى إثبات الرجحان في الصوم في السفر ، والإحرام قبل الميقات ، والكاشف عن هذا الرجحان هو : النص الخاص الدال على صحة الصوم في السفر ، والإحرام قبل الميقات بسبب النذر ، بحيث لو لا هذا النص لكان كلاهما باطلا ؛ لما دلّ من النص والإجماع على بطلانهما.
والمتحصل : أن دليل صحة النذر فيهما يكشف عن رجحانهما ؛ لا أنّ عموم دليل وجوب الوفاء بالنذر يدل على صحة النذر فيهما حتى يقال بصحة التمسك بالعام ، وإن لم يكن الشك من جهة التخصيص.
الوجه الثاني من وجوه الجواب : هو ما أشار إليه بقوله : «وإما لصيرورتهما راجحين بتعلق النذر بهما» ، وحاصله : صيرورة الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات راجحين حين تعلق النذر بهما ؛ لانطباق عنوان راجح عليهما ملازم للنذر ، أو مقارن له ؛ إذ لو