وكيف كان (١) ؛ فلا بدّ في ترجيح أحد الحكمين من مرجّح. وقد ذكروا لترجيح النهي وجوها :
منها : أنّه أقوى دلالة ؛ لاستلزامه انتفاء جميع الأفراد ، بخلاف الأمر.
وقد أورد عليه (٢) : بأنّ ذلك فيه من جهة إطلاق متعلّقه بقرينة الحكمة ؛ كدلالة الأمر على الاجتزاء بأيّ فرد كان.
______________________________________________________
متعارضين ...» ؛ إلى أن قال : «وقد ظهر بما ذكرناه : وجه حكم الأصحاب بصحة الصلاة في الدار المغصوبة ..» إلخ كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٢٠٢».
في مرجحات النهي على الأمر
(١) أي : سواء كان الخطابان في مسألة الاجتماع من باب التزاحم أم التعارض لا بد في ترجيح النهي أو الأمر من مرجح يختلف في التزاحم والتعارض.
الأول من مرجحات النهي على الأمر : هو كونه أقوى دلالة منه ـ لاستلزامه انتفاء جميع الأفراد ـ لأن النهي عن طبيعة يقتضي مبغوضيتها ، فيكون كل فرد من أفرادها مبغوضا ؛ لأنه بمعنى وجود الطبيعة الموصوفة بالمبغوضية ، هذا بخلاف الأمر ؛ حيث إن مفاده هو طلب إيجاد الطبيعة ، ويكفي في إيجادها إيجادها في فرد أيّ فرد من أفراد الطبيعة المأمور بها كان.
والمتحصل : أنّ دلالة الأمر على الإطلاق البدلي ، والاجتزاء بأيّ فرد من أفراد الطبيعة المأمور بها تكون بمقدمات الحكمة ، ودلالة النهي على الإطلاق الشمولي ـ لكونها لفظية ـ أقوى من دلالة الأمر على الإطلاق البدلي ، لكونها بمقدمات الحكمة ، فيقدم النهي عليه في المجمع ، ويحكم بفساد الصلاة في المغصوب.
(٢) قد أورد على هذا الوجه الأوّل بما حاصله : من أن دلالة كل من الأمر والنهي على العموم البدلي والشمولي تكون بمقدمات الحكمة ، فهما متساويان في الدلالة على العموم بمقدمات الحكمة ؛ وذلك لأنّ العموم المستفاد من النهي إنّما يكون من جهة إطلاق متعلقه الثابت بمقدمات الحكمة ؛ إذ لو كان المتعلق مقيدا بقيد من زمان أو زماني كان على المتكلم بيانه ، فلما كانت دلالة كل من الأمر والنهي على العموم بمعونة مقدمات الحكمة بلا فرق بينهما إلّا من جهة شمولية العموم في النهي وبدليّته في الأمر ، وهذا المقدار من الفرق لا يوجب أقوائيّة النهي من الأمر ، فلا وجه لتقديم النهي عليه ، والمشار إليه في قوله : «بأنّ ذلك» هو انتفاء جميع الأفراد في النهي بقرينة الحكمة من جهة إطلاق متعلقه ، كما أنّ دلالة الأمر على الاجتزاء بأيّ فرد كان بقرينة الحكمة ، فلا