لم يكن (١) هناك مانع عقلا ولا شرعا.
______________________________________________________
(١) جواب «وإن لم يكن» وضميرا «امتثاله ، مخالفته» راجعان على المعلوم بالإجمال.
أما عدم المانع العقلي : فلأن المانع هو قبح الترخيص في المعصية القطعية ، وهو مختص بما إذا كان المعلوم بالإجمال حكما فعليا من جميع الجهات ، وأما إذا لم يبلغ هذه المرتبة ولو لعدم العلم التفصيلي به ، فلا مانع حينئذ من الإذن في ارتكاب تمام الأطراف.
وأما عدم المانع الشرعي : فلأن المتوهم من المانع شرعا في المقام هو لزوم محذور التناقض بين صدر أدلة الأصول وذيلها إذا بنينا على شمولها لأطراف الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي.
توضيح لزوم التناقض : أن مقتضى عموم قوله : «عليهالسلام» : «كل شيء لك حلال» حلية المشتبه بالشبهة البدوية ، وكذا كل واحد من الأطراف في المقرونة ، ومقتضى إطلاق ذيله ـ أعني : «حتى تعلم أنه حرام» ـ هو تنجز الحرمة بالعلم الإجمالي ، لأن «تعلم» مطلق يشمل كلا من العلم التفصيلي والإجمالي ، فيلزم الحكم بالحلية لكل طرف بمقتضى الصدر ، والحكم بالحرمة بمقتضى الذيل.
وهذا الإشكال ـ وهو التناقض المذكور ـ تعرض له الشيخ الأنصاري «قدسسره» في بحث تعارض الاستصحابين بالنسبة إلى بعض أخبار الاستصحاب المشتمل على الذيل.
قال الشيخ «قدسسره» : «فإذا فرض اليقين بارتفاع الحالة السابقة في أحد المستصحبين فلا يجوز إبقاء كل منهما تحت عموم حرمة النقض بالشك ؛ لأنه مستلزم لطرح الحكم بنقض اليقين بمثله» (١) ؛ لكن هذا المحذور مفقود هنا ، لاختصاصه بالأدلة المرخصة المشتملة على هذا الذيل.
وأما الفاقد له مثل حديث الرفع فلا تناقض فيه أصلا ، فلا مانع من شموله للأطراف وإثبات الترخيص فيها ، والحاصل : أنه مع عدم وجود المحذور العقلي والشرعي عن شمول أدلة الأصول النافية للأطراف لا مناص من الحكم بحليتها.
فالمتحصل : أن المصنف قال في مباحث القطع : بأن العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي علة تامة لوجوب الموافقة وحرمة المخالفة وقال في حاشيته على بحث القطع ، إن العلم الإجمالي مقتض لوجوب الموافقة وحرمة المخالفة.
وقال هنا : بالتفصيل بين ما إذا كان التكليف فعليا من جميع الجهات ، فكان العلم
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٤١٠.