ومنه (١) ظهر : أنه لو لم يعلم فعلية التكليف مع العلم به إجمالا إما (٢) من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه أو (٣) من جهة الاضطرار إلى بعضها معينا أو مرددا ، ...
______________________________________________________
وخلاصة ما يظهر من الشيخ وجماعة آخرين : أنه يشترط في وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي : أن لا تكون الأطراف غير محصورة ، وأن لا يكون بعضها خارجا عن محل الابتلاء ، وأن لا يكون بعضها مضطرا إليه ، وأن لا يكون تدريجيا ، ولكن المصنف «قدسسره» على أن جامع هذه الشرائط عدم فعلية التكليف ، فإن كان التكليف فعليا لم يفد شيء من ذلك فإنه يرى دوران الأمر مدار الفعلية فقط ، ولذا قال : «ومنه» ، أي : مما تقدم من كون التنجز دائرا مدار فعلية الواقع وعدمها «ظهر أنه لو لم يعلم فعلية التكليف مع العلم به» أي : بالتكليف «إجمالا» لم تجب الموافقة وجازت المخالفة ؛ لعدم الإرادة الفعلية للواقع.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) يعني : ومما ذكرنا من أن المناط في وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي هو فعلية التكليف المعلوم بالإجمال فعلية تامة أي : من جميع الجهات ؛ لا كون الأطراف محصورة «ظهر ...» الخ.
وغرضه من هذا الكلام هو : الإشارة إلى بعض الجهات المانعة عن فعلية التكليف الموجبة لعدم وجوب الموافقة القطعية وعدم حرمة المخالفة كذلك مع العلم بالحكم إجمالا.
وقد ذكر في العبارة ثلاثا من الجهات المانعة.
(٢) هذا إشارة إلى الجهة الأولى ، وهي عدم الابتلاء ، فإن الابتلاء بجميع الأطراف شرط في فعلية التكليف.
فلو علم إجمالا بنجاسة إناء مردد بين إنائه وإناء من لا يبتلى به عادة كأحد ملوك الدنيا ، أو علم بحرمة امرأة معينة في بلده عليه بالرضاع ونحوه ، أو امرأة أخرى في أقصى بلاد الدنيا مع عدم ابتلائه بها عادة لم يكن هذا العلم الإجمالي علما بتكليف فعلي ؛ لاحتمال أن يكون متعلق التكليف ما هو خارج عن مورد الابتلاء وسيأتي تفصيله في التنبيه الثاني إن شاء الله تعالى فانتظر.
(٣) عطف على «إما من جهة» وإشارة إلى الجهة الثانية وهي الاضطرار إلى بعض الأطراف معينا ؛ كما إذا كان في أحد الإناءين المشتبهين ماء وفي الآخر ماء الرمان ، واضطر إلى شرب ماء الرمان للتداوي مثلا ، أو مرددا كالاضطرار إلى شرب ماء أحد