بارتفاع ما في موارد الأحكام الثابتة في هذه الشريعة.
ثم لا يخفى : أنه يمكن إرجاع ما أفاده شيخنا العلامة (١) «أعلى الله في الجنان
______________________________________________________
توضيحه : أن دائرة العلم الإجمالي بالنسخ إنما هي الأحكام الثابتة في هذا الشرع بالكتاب والسنة ؛ للقطع الإجمالي بارتفاع بعض أحكام الشرائع السابقة فيها ، وأما في غيرها فلا علم فيه بالنسخ ؛ بل هو مشكوك بدوي يجري فيه استصحاب عدم النسخ.
وأما في مورد العلم الإجمالي بالنسخ ـ وهو الأحكام الثابتة في شرعنا ـ فلا يجري فيه الاستصحاب ، إذ المفروض : ثبوت الحكم فيه في هذه الشريعة بالدليل ، وكون وظيفتنا العمل على طبقه ، فلا وجه لجريان استصحاب عدم النسخ فيه. وعليه : فيجري الاستصحاب في الأحكام التي شك في نسخها بلا معارض ؛ لكون الشك فيها بدويا ، إذ المفروض : خلوها عن العلم الإجمالي.
فغرض المصنف «قدسسره» : أن مشكوك النسخ خارج عن أطراف العلم ، حيث إن أطرافه هي خصوص موارد الأحكام الثابتة في شرعنا المعلومة عندنا بالدليل ، فالمشكوكات خارجة عن أطرافه من أول الأمر. والعلم بارتفاع الأحكام السابقة يمنع عن جريان الاستصحاب فيها ؛ لما عرفت من : وجوب العمل بما ثبت في هذه الشريعة على كل حال ، ولا أثر لاستصحاب عدم النسخ فيه. هذا كله بناء على إرادة خروج المشكوك النسخ من أول الأمر عن أطراف العلم الإجمالي بالنسخ ، على أن يكون قوله : «في موارد» معطوفا على قوله : «بمقداره» ، فيكون الخروج إما بالانحلال وإما بعدم كونه من أطراف العلم حقيقة كما بيّناه.
وتركناه ما في بعض التعاليق من الاحتمال رعاية للاختصار.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) غرضه : توجيه ما أفاده الشيخ «قدسسره» من الجواب الثاني عن إشكال تغاير الموضوع المانع عن جريان استصحاب عدم النسخ في حقنا ؛ إذ الحكم الثابت في حق جماعة ـ وهم أهل الشرائع السابقة ـ لا يمكن إثباته في حق آخرين لتغاير الموضوع.
وأما عبارة الشيخ في الجواب الثاني فهي : «وثانيا : أن اختلاف الأشخاص لا يمنع عن الاستصحاب ، وإلا لم يجر استصحاب عدم النسخ.
وحله : أن المستصحب هو الحكم الكلي الثابت للجماعة على وجه لا مدخل لأشخاصهم فيه ؛ إذ لو فرض وجود اللاحقين في السابق عمهم الحكم قطعا (١).
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٢٢٦.