يعني : إن نسي رمي الجمار جاز قضاؤه عنه وإن كان حيّا ، لأنّه سنّة لم يجر له ذكر في القرآن ، وذلك بخلاف طواف البيت ، فإنّه فريضة مذكورة في القرآن ، فهما ليسا بسواء في الحكم ، بل يجب عليه القضاء بنفسه.
وتجوز له مباشرة القضاء بنفسه إجماعا ، بل يجب ذلك عليه على الأظهر الأشهر ، إلاّ إذا تعذّر الرجوع أو تعسّر فيستنيب من يقضي عنه ، فإن مات ولم يقض يقضي عنه وليّه إمّا بنفسه أو بالاستنابة.
أمّا الأول ـ أي جواز مباشرته ـ فبالإجماع والصحيحين الأخيرين ، أمّا أولهما فمن جهة أنّ التوكيل لا يكون إلاّ فيما يجوز للموكّل مباشرته ، وأمّا ثانيهما فظاهر.
وأمّا الثّاني ـ أي وجوب مباشرته ـ فللصحيحة الأخيرة ، فإنّ عدم الصلاحية يقتضي الفساد ، كما بيّناه في موضعه.
وقد يستدلّ عليه أيضا بفحوى ما دلّ على وجوب المباشرة في نسيان طواف النساء كما يأتي ، وفحوى ما مرّ على وجوب قضاء ركعتي الطواف ، اللتين هما من فروع الطواف وتوابعه بنفسه.
وفيهما نظر ، لمنع ثبوت الأولوية مع منع أصل الحكم في الأول.
خلافا فيه لبعض المتأخّرين ، فجوّز الاستنابة مطلقا ولو مع القدرة على المباشرة (١) ، لإطلاق صحيحة عليّ المتقدّمة.
وفيه : أنّه معارض بعموم العلّة المنصوصة في الصحيحة الأخيرة ، فإنّها تدلّ على عدم جواز الاستنابة ما دام حيّا مطلقا ، خرجت عنه صورة التعذّر بالصحيحة الأولى فيبقى الباقي.
__________________
(١) كما في المدارك : ٤٦٤.