والثالثة : في رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس ، قال : « عليه بدنة ، فإن لم يقدر على بدنة صام ثمانية عشر يوما » (١).
خلافا للمحكيّ عن الصدوقين ، فالكفّارة شاة (٢) ، ولا يعرف مستندهما إلاّ ما عن الجامع من قوله : وروي شاة (٣). وهو ضعيف لا يقاوم ما مرّ ، كإطلاق النبويّ : « من ترك نسكا فعليه دم » (٤).
وأمّا في الصورة الثانية فالمشهور ـ كما في شرح المفاتيح ـ سقوط الكفّارة ، وقوّاه بعض مشايخنا (٥) ، للأصل ، واختصاص النصوص المتقدّمة المثبتة لها ـ بحكم التبادر وغيره ـ بصورة عدم الرجوع قبل الغروب.
ونفى في المدارك البعد عن وجوب الكفّارة حينئذ أيضا (٦). وظاهر الذخيرة التردّد (٧).
والأقوى وجوبها ، لإطلاق النصوص المتقدّمة المندفع به الأصل ، وتخصيصها بصورة الرجوع لا وجه له ، والتبادر المتقدّم ذكره لا أفهم وجهه.
قيل : ويستفاد من الصحيحة الثانية جواز صوم هذه الأيّام في السفر وعدم وجوب المتابعة فيها ، تصريحا في الأول وإطلاقا في الثاني كما فيما عداها (٨).
أقول : جعل الأول تصريحا غير جيّد ، لأنّ الطريق أعمّ ممّا نوى فيه
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤٨٠ ـ ١٧٠٢ ، الوسائل ١٣ : ٥٥٨ أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب ٢٣ ح ٢.
(٢) حكاه عنهما في المختلف : ٢٩٩.
(٣) الجامع للشرائع : ٢٠٧.
(٤) سنن الدار قطني ٢ : ٢٤٤ ـ ٣٩ ، بتفاوت يسير.
(٥) انظر الرياض ١ : ٣٨٤.
(٦) المدارك ٧ : ٣٩٩.
(٧) الذخيرة : ٦٥٣.
(٨) انظر الرياض ١ : ٣٨٤.