وكيف كان ، فاستدلّ لهذا القول بصحيحة هشام بن سالم : « والتقدّم من المزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلّون الفجر في منازلهم بمنى لا بأس » (١).
وإطلاق رواية مسمع : في رجل وقف مع الناس بجمع ثمَّ أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال : « إن كان جاهلا فلا شيء عليه ، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة » (٢) ، ولو وجب الوقوف بعد الفجر لما سكت عن أمره بالرجوع.
وإطلاق الأخبار بأنّ من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ.
ويردّ الأول : بكونه أعمّ مطلقا ممّا مرّ ، لاختصاص ما مرّ بغير المضطرّ ، فيجب التخصيص به.
والثاني : بأنّ عدم الذكر لا يدلّ على العدم ، ولذا سكت في أخبار الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس (٣) عن العود ، واكتفى بذكر الكفّارة فقط ـ كما مرّ ـ مع وجوبه.
والثالث : بأنّ إدراك الحجّ بشيء لا ينافي وجوب غيره أيضا ، مع أنّه أيضا كالأول أعمّ مطلقا ممّا مرّ.
نعم ، روى عليّ بن عطية ، قال : أفضنا من المزدلفة بليل أنا وهشام ابن عبد الملك الكوفي ، وكان هشام خائفا ، فانتهينا إلى جمرة العقبة طلوع الفجر ، فقال لي هشام : أي شيء أحدثنا في حجّتنا ، فنحن كذلك إذ لقينا
__________________
(١) التهذيب ٥ : ١٩٣ ـ ٦٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٦ ـ ٩٠٣ ، الوسائل ١٤ : ٣٠ أبواب الوقوف بالمشعر ب ١٧ ح ٨.
(٢) الكافي ٤ : ٤٧٣ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٢٨٤ ـ ١٣٩٣ ، التهذيب ٥ : ١٩٣ ـ ٦٤٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٦ ـ ٩٠٢ ، الوسائل ١٤ : ٢٧ أبواب الوقوف بالمشعر ب ١٦ ح ١.
(٣) الوسائل ١٣ : ٥٥٨ أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب ٢٣.