( يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) (١) وهي المقابلة للخبائث.
وفيه : أنّه مفهوم لا حجّية فيه ، مع أنّ في استلزام عدم التحليل للتحريم وكذا في مقابلة الطيّبات للخبائث نظرا.
ثمَّ المراد بالخبائث ـ على ما ذكرها جماعة (٢) ـ ما تشمئزّ منه أكثر النفوس المستقيمة ، وتتنفّر عنه غالب الطباع السليمة.
والظاهر أنّه ليس مرادهم ما تتنفّر الطباع وتشمئزّ عن أكله ؛ إذ كثير من العقاقير السبعة والأدوية ـ كالإهليلجات (٣) ونحوها ـ كذلك ، مع أنّها ليست خبيثة عرفا ولا محرّمة شرعا. ( بل كثير ممّا تتنفّر عنه الطباع إنّما يكون لحرمته ، أو توهّم حرمته ، أو عدم الاعتياد بأكله. ولذا ترى تنفّر طباع أكثر العجم عن أكل الجراد دون العرب ، وتنفّر طباع أهل البلدان عن الحيّة والفأرة والضبّ دون أهل البادية من الأعراب ، وكأنّ كثيرا ممّا تتنفّر عنه الطباع الآن كانت العرب تأكله قبل الإسلام ، كالضبّ ، والمسلمون يتنفّرون من الخنزير دون النصارى ، إلى غير ذلك ) (٤).
بل ما تتنفّر الطباع عنه مطلقا ، أكلا ولمسا ورؤية ، كرجيع الإنسان والكلب ، بل رجيع كلّ ما لا يؤكل لحمه ، والقيء من الغير وقملته وبلغمه ـ سيّما المجتمع في موضع في مدّة ـ والقيح ، والصديد ، والضفادع ، ونحوها.
__________________
(١) المائدة : ٤.
(٢) منهم المحقّق الأردبيلي في زبدة البيان : ٦٣١ والفاضل الجواد في مسالك الافهام ٤ : ١٤٦.
(٣) الإهليلج : عقير من الأدوية معروف وهو معرّب ـ انظر لسان العرب ٢ : ٣٩٢.
(٤) ما بين القوسين ليس في « س ».