شرعا وعقلا ، لعدم خلوّ اللحم عنه وإن غسل مرّات.
ولانحصار دليله بالإجماع يجب الاقتصار في استثنائه على ما ثبت فيه الإجماع ، وهو المتخلّف عن الذبيحة المأكول من غير الخلط بالمسفوح بجذب نفس أو علوّ رأس ، كما مرّ في بحث الطهارة ، فلا يحلّ المخلوط به ، ولا دم غير الذبيحة وإن كان ممّا لا نفس له ولو من السمك.
فيحرم ما عدا ما ذكر مطلقا ، للأصل ، لا للاستخباث ، لمنعه جدّا ، فإنّ الدم لو كان خبيثا لكان كلّه كذلك ، مع أنّه لا يستخبث المتخلّف من الذبيحة.
نعم ، تثبت حرمة بعض أفراد الغير المتخلّف بواسطة النجاسة أيضا.
ومن الأصحاب من توقّف في حرمة الدم المتخلّف في غير المأكول ، ومنهم من حكم بحلّية ما عدا المسفوح من الدماء ، كدم الضفادع والقراد والسمك ممّا لا نفس له (١) ، وظاهر المعتبر والغنية والسرائر والمختلف والمنتهى والنهاية : حلّية دم السمك (٢) ، بل ظاهر الأول دعوى الإجماع عليها.
ولا أعرف لهم دليلا سوى الأصل ، والعمومات ، وقوله سبحانه في سورة الأنعام ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ) (٣) حيث قيّد الدم المحرّم بالمسفوح.
والأولان بما ذكر مندفعان. والثالث لا يدلّ إلاّ على عدم الوجدان فيما اوحي إليه ، أو فيما أوحي إليه حين نزول الآية ، فلا ينافي تحريم المطلق
__________________
(١) انظر السرائر ١ : ١٧٤.
(٢) المعتبر ١ : ١١٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، السرائر ١ : ١٧٥ ، المختلف : ٥٩ ، المنتهى ١ : ١٦٣ ، نهاية الإحكام ١ : ٢٦٨.
(٣) الأنعام : ١٤٥.