النار حتى يغلي من ساعته فيشربه صاحبه؟ قال : « إذا تغيّر عن حاله وغلى فلا خير فيه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه » ، فإنّه لا تغيّر في الحال بعد الغليان سوى الاشتداد مشروطا قطعا.
وفيه : أنّ الظاهر أنّ قوله : « وغلى » بيان لتغيّر الحال ، فالمراد بالتغيّر : تأثّره بحيث يصير أعلاه الأسفل وبالعكس ، ولا أقلّ من الاحتمال المسقط للاستدلال.
وكذا مقتضى تعليق الحكم بالحرمة على العصير ـ وفاقا لظاهر الكفاية (١) ـ قصر التحريم على ما إذا صدق عليه العصير عرفا.
وأمّا بدون ذلك ـ كما إذا كان الماء في الحبّ ولم يعصر بعد ـ فلا وجه للحكم بتحريمه ـ كما هو ظاهر بعضهم (٢) ، بل ظاهر قول الأردبيلي أنّه قول كثير ، حيث عبّر بلفظ : قالوا (٣) ـ لعدم صدق العصير عليه ، وإرادة ما يصلح أن يكون عصيرا خلاف الأصل ، مع أنّ في صدق الغليان عليه أيضا نظرا ، ولو سلّم صدقه فانصراف المطلق عليه بعيد غايته.
فالظاهر حلّية حبّة العنب الداخلة في الماء أو المرق ولو غلى الماء أو المرق وطبخت فيه ، وكذا الزبيب الداخل فيه ، على القول بحرمة العصير الزبيبي بالغليان أيضا ، إلاّ أن يعلم انشقاق الحبّة وخروج مائها ومزجها مع المرق مثلا وغليانه ، بل في حصول التحريم حينئذ أيضا نظر ، لأنّ باستهلاكه في المرق يخرج عن صدق غليان العصير ، فتأمّل.
ودعوى الإجماع البسيط أو المركّب في أمثال المقام مجازفة جدّا.
__________________
(١) الكفاية : ٢٥١.
(٢) حكاه في الحدائق ٥ : ١٥٣ عن بعض مشايخه وهو الشيخ سليمان البحراني.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٢٠٠.