فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا هذا ، قد أكثرت ، أفيسكر؟ » قال : نعم ، قال : « فكلّ مسكر حرام » الحديث (١).
وجه الدلالة واضح جدّا ، فإنّه لو كان الهدر والغلي كافيين في التحريم لم يسأل عن الإسكار وعدمه لذكرهما في الكلام ، بل أهل العرف كلاّ يفهم من هذا الكلام عدم التحريم بدون الإسكار.
وتؤيّد المطلوب أيضا النصوص الواردة في علّة تحريم العصير ، فإنّها ظاهرة في أنّ العلّة إنّما هي شركة إبليس في شجرة الكرم وثمرته بالثلثين ، وأنّه إذا ذهب نصيبه منها حلّ الباقي (٢) ، ولا ريب أنّ الزبيب قد ذهب ثلثاه وزيادة بالشمس.
وما قيل (٣) من أنّ ذهاب الثلاثين بالشمس إنّما يفيد إذا كان قد غلى حتى يحرم ثمَّ يحلّ بعد ذلك بذهاب الثلاثين ، والغليان بالشمس غير معلوم ، بل قد يجفّ الزبيب بغير الشمس أيضا ولا غليان فيه البتّة ، فلا وجه لتحريمه حتى يحتاج إلى التحليل بذهاب الثلاثين.
فيأتي ما يردّه في مطاوي أدلّة المحرّمين ، وملخّصه : أنّه مبنيّ على دلالة تلك النصوص أو غيرها على اعتبار كون ذهاب الثلاثين بعد الغليان وحصول التحريم ، وأنّه لو ذهبا قبله لا يعبأ به. وهي ممنوعة ، إذ لا أثر له فيها ، بل ظاهرها اعتبار ذهاب الثلاثين مطلقا ، بعد الغلي كان أم لا.
ويؤيّد المطلوب أيضا بعض الروايات الأخر ، كرواية مولى حرّ بن
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤١٧ ـ ٧ ، الوسائل ٢٥ : ٣٥٥ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٢٤ ح ٦ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٢٨٢ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٢.
(٣) رياض المسائل ٢ : ٢٩٢.