إطلاقه عليه لكونه موضوعا له بالخصوص فهو أول النزاع ، وإن أريد ثبوت إطلاقه عليه حقيقة ولو لوضعه للمعنى العام فهو غير مفيد.
وردّ الرابع : بأنّ النبيذ والنقيع وإن تحقّقا في التمر والزبيب ولكن يحصل العصير بعدهما أيضا ، ولأجل ذلك يطلق على عصيرهما النقيع والنبيذ.
والحاصل : أنّه إن أريد اختصاص العصير بالعنب فنمنع ، وإن أريد تحقّق النبيذ والنقيع في التمر والزبيب فنسلّم ، ولكن لا يلزمه انتفاء العصير فيهما ، إلاّ أن يخصّ العصير بما لم يتوقّف على نبذ ونفع ، وحينئذ يكون الكلام متوجّها كما يأتي.
بل لأنّ لفظ العصير : فعيل ، وهو إمّا بمعنى الفاعل ، فهو بمعنى العاصر ، أو بمعنى المفعول ، وهو الشيء الذي وقع عليه العصر دون ما خرج من العصر ، وإنّما يسمّى ذلك عصارا وعصارة.
صرّح بذلك في القاموس ، قال : وعصر العنب ونحوه يعصره فهو معصور وعصير ، واعتصره استخرج ما فيه ، وعصره ولي ذلك بنفسه ، واعتصره عصر له وقد انعصر وتعصّر ، وعصارته وعصارة ما يحلب منه (١). انتهى.
صرّح بأنّ العصير هو نفس العنب وأنّ ماءه عصارة وعصار ، وعلى هذا فإطلاق العصير على الماء المستخرج لا يكون مقتضى وضعه الاشتقاقي حتى يستدعي عموما ، بل هو معنى مجازي له ، فيمكن أن يكون ذلك المعنى المجازي هو خصوص ماء العنب ، أو هو ونحوه ممّا لا يحتاج إلى
__________________
(١) القاموس المحيط ٢ : ٩٣.