النّضوح قال : « يطبخ التمر حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث ثمَّ يتمشّطن » (١).
والأخرى : عن النّضوح المعتق كيف يصنع به حتى يحلّ؟ قال : « خذ ماء التمر فأغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر » (٢).
والجواب : أنّه لا تصريح في الروايتين بحرمة الشرب قبل ذهاب الثلاثين من الإمام عليهالسلام أصلا ، وإنّما غايتهما الأمر بغلية حتى يذهب ثلثاه ، وهو أعمّ من تحريمه بالغلي قبله ، ولعلّ الوجه فيه ما ذكره بعضهم من أنّ النضوح ـ على ما ذكره اللغويون ـ : ضرب من الطيب تفوح رائحته (٣).
وفي مجمع البحرين : إنّ في كلام بعض الأفاضل : أنّه طيب مائع ، ينقعون التمر والسكر والقرنفل والتفّاح والزعفران وأشباه ذلك في قارورة فيها قدر مخصوص من الماء ، ويشدّ رأسها ، ويصبر به أيّاما حتى ينشّ ويتخمّر ، وهو شائع بين نساء الحرمين الشريفين (٤).
وعلى هذا فتحمل الروايتان على أنّ الغرض من طبخه حتى يذهب ثلثاه إنّما هو لئلاّ يصير خمرا ببقائه مدّة ، لأنّ غلية هذا الحدّ الذي يصير به دبسا يذهب الأجزاء المائيّة التي يصير بها خمرا لو مكث مدّة كذلك ، لأنّه يصير خمرا بسبب ما فيه من تلك الأجزاء المائيّة ، فإذا ذهب أمن من صيرورته خمرا.
ويؤيّد ذلك قوله : النّضوح المعتق ، على صيغة اسم المفعول ، أي
__________________
(١) التهذيب ٩ : ١٢٣ ـ ٥٣١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٩ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣٧ ح ١ ، في المصدر : يمتشطن.
(٢) التهذيب ٩ : ١١٦ ـ ٥٠٢ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٣ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣٢ ح ٢.
(٣) الرياض ٢ : ٢٩١.
(٤) مجمع البحرين ١ : ٤١٩.