وموثّقتي أبي بصير ، إحداهما : عن الخمر تصنع فيها الشيء حتى تحمض ، قال : « إذا كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فيه فلا بأس » (١) وفي بعض النسخ : يضع ، ووضع من الوضع ، وفي بعض آخر بترك لفظة : « فيه ».
ثمَّ تقريب الاستدلال : أن يراد بالغلبة : الغلبة في الكيفيّة ، أي الشيء القاهر على كيفيّتها ، الجاعل لها خلاّ ، كالملح وغيره ، دون الغلبة في الكمّيّة الموجبة لترك العمل بالرواية وشذوذها ، كما يأتي.
وأمّا احتمال إرادة الخمر من الغالب كمّيّة ـ كما جوّزه بعض مشايخنا (٢) حاكيا عن العلاّمة المجلسي في بعض حواشيه ـ فبعيد غايته ، بل لا تحتمله العبارة من حيث التركيب اللفظي.
والأخرى : عن الخمر يجعل خلاّ ، قال : « لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها » (٣) بالغين المعجمة كما في نسخ الكافي ، بل التهذيب على ما يظهر من الوافي (٤) ، وإن نقل بعضهم عنه وعن الاستبصار بالقاف (٥).
ثمَّ الإجماع والأخبار كما يثبتان ارتفاع الحرمة الخمريّة وإثبات الحلّية الخلّية ، كذلك يثبتان الحلّية المطلقة أيضا ، حتى من جهة الطهارة أيضا ،
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٢٨ ـ ١ ، التهذيب ٩ : ١١٩ ـ ٥١١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٠ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٢.
(٢) الرياض ٢ : ٢٩٩.
(٣) الكافي ٦ : ٤٢٨ ـ ٤ ، التهذيب ٩ : ١١٧ ـ ٥٠٦ ، الاستبصار ٤ : ٩٤ ـ ٣٦١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ٤ ، وفي الاستبصار : عن عبيد ابن زرارة.
(٤) الوافي ٢٠ : ٦٧٧ ب ١٦٥.
(٥) كالهندي في كشف اللثام ٢ : ٨٩ ، وصاحب الرياض ٢ : ٢٩٩.