فلا ينجس ذلك الخلّ بنجاسة الآنية المشتملة عليه ، إمّا لتطهّر الآنية تبعا أيضا كما ذكره جمع من الأصحاب (١) ، أو لعدم سراية نجاستها إلى الخلّ ، كما هو الحقّ عندي ، إذ الثابت ليس إلاّ طهارة الخلّ الحاصلة بأحد الأمرين ، فتستصحب نجاسة الآنية ، مضافا إلى منع وجود خصوص أو عموم دالّ على تنجس أحد المتلاقيين بنجاسة الأخرى مطلقا بحيث يشمل مثل المورد أيضا.
والمناقشة في دلالة الروايات ـ بأنّ غايتها انتفاء العذاب والإثم في ذلك الجعل والمعالجة ، دون حلّية الخلّ وطهارته من جميع الجهات ـ وإن أمكن في بعضها جدلا ، إلاّ أنّه بعيد عن الإنصاف ، مخالف لفهم الأصحاب ، مع أنّه غير جار في الجميع ، كالموثّقة الاولى النافية لجميع أنواع البأس بما تحوّل عن اسم الخمر لا عن الجعل والعلاج ، والصحيحة الثانية المجوّزة لأخذ الخمر عوض الدراهم وجعلها خلاّ ولو كان حراما ولو بسبب التنجّس الحاصل بملاقاة الآنية الغير المنفكّ عنه البتّة لما تترتّب فائدة على جعلها خلاّ ، بل الموثّقتين الأخيرتين ، فإنّه لو لا إرادة الحلّية للغا الاشتراط ، إذ لا إثم حينئذ مع غلبة الخمر أيضا.
وعلى الثاني : فإمّا يكون العلاج بشيء لا يدخل في الخمر ـ بل بنحو تدخين أو مجاورة شيء ونحو ذلك ـ أو بجسم يدخل فيها ويلاقيها.
فعلى الأول : فالظاهر أيضا عدم الخلاف في الحلّية ، فإنّ الشهيد الثاني المتوقّف في الحلّية بالعلاج خصّه بالعلاج بالأجسام (٢) ، فيحلّ أيضا ،
__________________
(١) منهم الشهيد في الروضة ٧ : ٣٤٧ ، المحقق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٩ ، والهندي في كشف اللثام ٢ : ٨٩.
(٢) المسالك ٢ : ٢٤٨.