حتى يكون معلّما ، وما عرفنا أيّ شيء ذلك من القرآن ولا من السنّة ، إلاّ ما في كلام العلماء ، ولم يعلم إجماعهم أيضا ، لما عرفت من الإجمال والخلاف ، فتأمّل حتى يفتح الله (١). انتهى.
فإنّ ظاهر الآية ليس أنّه شيء خاصّ معيّن في تعليم الكلب ، بل مطلق ما علّمنا الله ، ولا بأس بزيادة شيء له مدخليّة في تعليم الكلب للصيد بدلالة القرينة الحاليّة كما يأتي ، وهو أيضا مطلق بين أمور معلومة لنا من الاسترسال والانزجار والإمساك والقتل ونحوها.
وظهر ممّا ذكر صدق الكلب المعلّم على كلّ كلب علّم أمرا وأكثر ممّا لا يعلمه الكلب بنفسه وطبعه ، ويتوقف تعلّمه على تعليم الإنسان ، كما في سائر الحيوانات التي يتعلّمون عملا خاصّا ، فيقال : القرد المعلّم ، والفرس المعلّم ، والشاة المعلّمة ، والهرّة المعلّمة ، وغيرها.
نعم ، المستفاد من القرائن الحاليّة ـ بل من العرف والعادة ـ أنّ من يطلب حيوانا معلّما على الإطلاق أو ترتّب عليه حكما نظره إلى تعليم بعض ما يتعلّق بما يطلب من ذلك الحيوان ، إمّا مطلقا أو في موضع خاص ، فإذا قال : ابتع لي فرسا معلّما ، يطلب ما تعلّم أمرا من الأمور المتعلّقة بالعدو والمشي والركوب ، والوقوف عند سقوط راكبه ، وأخذ شيء سقط من يده على الأرض وإعطائه ، وفي القرد المعلّم ما يتعلّق باللعب ، وفي الكلب المعلّم في مقام الصيد ما يتعلّق بذلك ، وفي مقام الحفظ والحراسة ما يتعلّق بهما زائدا على ما يعلمه بالطبع ، وفي مقام دفع العدوّ كذلك ، وهكذا.
__________________
(١) مجمع الفائدة ١١ : ٣٥.