وممّا ذكرنا يظهر ما في كلام جماعة ـ منهم : صاحب الكفاية (١) والمقدّس الأردبيلي (٢) ـ من تقييد حرمة الغائب أو المتردّي أو الواقع في الماء بما إذا كانت حياته مستقرّة ، والحكم بالحلّ إذا لم يكن كذلك ، مع حكمهم بأنّ المناط : العلم بالاستناد إلى الآلة المحلّلة وعدمه ، فإنّه قد يحصل العلم مع الحياة المستقرّة ، وقد لا يحصل مع عدمها.
وممّا تدلّ على ما ذكرنا أيضا حسنة حمران في الذبيحة ، وفيها : « فإن تردّى في جبّ أو وهدة من الأرض فلا تأكله ولا تطعمه ، فإنّك لا تدري التردّي قتله أو الذبح » (٣) ، إذ ظاهر أنّ مع الذبح لا تبقى حياة مستقرّة ، فالصواب ترك ذلك القيد الذي ليس في الأخبار أيضا عنه ذكر.
وهل يقوم الظنّ الغالب في المقام مقام العلم ، أم لا؟
الحقّ : هو الثاني ، للأصل ، والتقييد في كثير من الأخبار ـ كصحيحتي سليمان ومحمّد بن قيس وموثّقة سماعة ورواية أبي بصير ومرسلة الفقيه ـ بالعلم أو الدراية.
وحكي عن بعض الاكتفاء بالظنّ (٤) ، ولعلّه لقوله في رواية زرارة : « وقد ترى أنّه لم يقتله غير سهمك » ، وللاكتفاء بخروج الرأس عن الماء أو إجادة الذبح ، والتفصيل بين الأكل منه وعدمه بعد الغيبوبة في رواية عيسى ابن عبد الله السابقة (٥) ، فإنّ شيئا منها لا يفيد غير الظنّ.
وهو حسن ، ويؤيّده عدم حصول غير الظنّ الغالب غالبا ، لجواز
__________________
(١) الكفاية : ٢٤٥.
(٢) مجمع الفائدة ١١ : ٢٢.
(٣) الكافي ٦ : ٢٢٩ ـ ٤ ، الوسائل ٢٤ : ٢٦ أبواب الذبائح ب ١٣ ح ٢.
(٤) كما في كشف اللثام ٢ : ٧٢ ، والكفاية : ٢٤٥ ، والمفاتيح ٢ : ٢١٣.
(٥) في ص : ٣١١.