وآجله فعل ما أنا عازم عليه فمرني ، وإلا فانهني ، إنك على كل شيء قدير ، ثم تقبض قبضة من السبحة وتعدها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله إلى آخر القبضة ، فإن كان الأخيرة سبحان الله فهو مخير بين الفعل والترك ، وإن كان الحمد لله فهو أمر ، فإن كان لا إله إلا الله فهو نهي » بل ظاهر الدعاء في هذه الاستخارة أيضا الحصر في النهي والأمر كالروايات السابقة ، نعم ذيل الرواية صريح في ثبوت التخيير ، وربما جمع بينها بإرادة الأعم من الراجح والمساوي من الأمر في تلك ، أي عدم الضرر انضمت معه مصلحة أولا ، وبإرادة خصوص الراجح والمرجوح من الأمر والنهي هنا ، فجاز التخيير ، وربما قيل برجوع ذلك إلى قصد المستخير ، وعليه حينئذ فله تكرير الاستخارة على عدم الضرر مثلا إذا كان استخارته أولا على الأرجحية.
ولا يخفى عليك أنه بناء على ما ذكرنا سابقا لا بأس على الإنسان في تعرف الرشد وعدمه بشيء من ذلك كله ، ضرورة أن له إيقاع فعله كيف أراد ، ومنه وقوع فعله على مقتضى هذه الأمور لاحتمال إصابة الرشد فيها ، إذ احتمال اشتراط الإصابة بجزمه بذلك أو أخذه من دليل معتبر واضح المنع ، بل هو بالنسبة إلى هذا المعنى أوسع تسامحا من السنن ، إذ قد يتوقف في مشروعية نية التقرب بمجرد قيام الاحتمال الناشئ من نحو تلك المراسيل ، مع أنه لا بأس به أيضا بناء على ابتناء التسامح فيها على الاحتياط العقلي ، بل وعلى غيره لمكان تلك الأخبار المرسلة وإن كانت هي في غاية الضعف من الإرسال ، بل قد سمعت ما حكيناه عن بعض فضلاء مشايخنا من أن المستفاد من أخبار الاستخارة الإناطة بما يشاؤه المكلف من الطرق لمعرفة رشده وإن لم يكن لها أثر في النصوص بعد الدعاء والتوسل والتضرع لله تعالى ونحوها في أن يبين له رشده بذلك ، وإن قلنا إنه محل للتأمل أو للمنع ، خصوصا بعد ما قيل من أنه في الوسائل روي (١)
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة الاستخارة ـ الحديث ١.