قوله : « إن جلس » إلى آخره ، في هذه الأخبار إرادة استنباط حال المصلي هل فرغ من الصلاة ثم شرع في غيرها ولو بإتمامها ساهيا فلا تكون زيادة في الصلاة ، أو أنها زيادة فيها فأراد معرفة حاله بهذا الطريق.
ومن هنا يمكن أن يقال بشيء ، وهو لو رأى المصلي نفسه أنه في خامسة أو سادسة ولكن وقع له الشك في أنه هل كان قد فرغ من الصلاة وأن هذه ابتداء صلاة جديدة أو أن هذه زيادة في الفريضة وقعت منه سهوا فإنه قد يقال بالصحة حينئذ حملا لما وقع من المسلم عليها ، بل قد يكون هذا الشك منه شكا في الشيء بعد دخوله في شيء آخر ، فلا يلتفت ، بل يحتمل القول به لو رأى نفسه قائما قبل تحقق الركوع منه فيبني على الصحة لما ذكرنا أيضا ، ولا منافاة فيه لكلام الأصحاب ، إذ المراد منه أنه بعد أن علم أنه لم يقع منه تشهد ولا تسليم لا ما ذكرنا ، بل يمكن القول فيها بالصحة أيضا فيما لم يتنبه المكلف إلا وهو في خامسة مع علمه بعدم وقوع التشهد والتسليم منه ، لكنه يحتمل أنه نسيهما فابتدأ في صلاة جديدة وقلنا بصحة الصلاة في مثله ، ويحتمل أن ذلك وقع منه زيادة في الصلاة ، فإن أصالة الصحة تقضي بكون الواقع منه على الوجه الأول ، لأنه هو الصحيح ، وإن كان الجزم بذلك لا يخلو من إشكال ، فتأمل.
ولعل خبر محمد بن مسلم (١) الآتي منزل على بعض ما ذكرناه ، وما فيه من التشهد والتسليم في الأثناء لعله مبني على جواز قضاء المنسي ولو في أثناء النافلة ، لكونه غير مناف لها ، فتأمل جيدا ، فإنه لا يتم تنزيله على ذلك.
وكيف كان فقد ظهر لك أن هذه الأخبار لا تصلح لأن تكون مقيدة لإطلاق تلك الأخبار الصحيحة الموافقة للقواعد الشرعية المنجبرة بالشهرة المحصلة والمنقولة وإجماع الغنية وغيره.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ الحديث ٧.