هنا أجمعنا على صحة صلاة من أوقع أفعالا بنية ركعة معينة من الصلاة فتبين أنه في غيرها بل قد سلف أيضا أنه لو دخل في صلاة بنية الفرض ثم عزبت عنه إلى النفل سهوا وأتمها بنية النفل كانت صحيحة ، وأما الطمأنينة فليست بركن ، فلا تضر زيادتها ، يدفعها أن النية الأولى لا تخرج المسميات عن المسمى اللغوي ، والمثالان ليسا من هذا القبيل ، مع أنه عليه تتجه الصحة حينئذ ولو رفع رأسه ، إذ لا زيادة إلا هذا الرفع الذي لا يقدح زيادته ، لكونه ليس ركنا ، وليس هو أعظم من القيام في غير محله ، وما في المدارك ـ من أن هذه الزيادة لم تقتض تغيير هيئة الصلاة ، ولا خروجا عن الترتيب الموظف ، فلا تكون مبطلة وإن تحقق مسمى الركوع ، لانتفاء ما يدل على بطلان الصلاة بزيادته على هذا الوجه من نص أو إجماع ـ في غاية الضعف من وجوه ، وما يقال : إنه مأمور بذلك ـ ومقتضاه عدم ترتب الفساد عليه بوجه من الوجوه ـ فيه ـ مع نقضه بصورة الرفع ، بل وبغيره من الأركان المتداركة عند الشك مع تبين الخلاف ـ أن ظواهر الأوامر الآمرة بتلافي المشكوك فيه عدم الفساد ما دام باقيا على ذلك الحال لا ما إذا انتقل منه إلى اليقين ، مع أنه يجب صرف الظاهر عن ظاهره لما سمعت من الأدلة ، نعم يمكن التمسك لهم بالإجماع المنقول عن الغنية ، ويؤيده فتوى من لا يعمل إلا بالقطعيات كالمرتضى وابن إدريس ، لكن ذلك بمجرده لا يجوز الجرأة به على هذا الحكم المخالف للأصول والضوابط ، وما سمعته من إطلاق الأخبار مع إعراض أكثر المتأخرين ، وطريق الاحتياط الإتمام والإعادة.
ثم اعلم أن الحاكمين بالصحة اختلفوا فبين من خص ذلك بالأخيرتين كما عن النهاية والوسيلة وبين من عمم الحكم لهما كما عن غيرهما ، وكأن الأول مبني على أن السهو متى دخل الأولتين في الركعات أو الأفعال أفسد ، فالمفسد حينئذ نفس تعلق الشك بالركوع فيهما لا زيادته بالخصوص فيهما ، ويأتي التعرض إن شاء الله لبطلانه.