القيامة وإن لم يكن مع الرجال امرأة ، مع أن فيه منع الناس عن الازدحام ، قيل : ويحتمل أن يكون المراد بالصفوف في الحديث صفوف الجنائز لا المصلين ، فان كل صف من الجنائز أقرب إلى المصلي فهو المؤخر وهو الأفضل ، قلت ، وحينئذ يشكل التعليل » انتهى.
قلت : بل يشكل الدليل حينئذ على ما ذكره غير واحد من الأصحاب ، بل ظاهرهم الاتفاق عليه من فضل الصف الأخير في صلاة الجنازة عكس اليومية ، إذ لم نقف على غير الخبر المزبور ، لكن ومع ذلك عن المجلسي الجزم بالاحتمال المزبور ، بل بالغ في الإنكار على الأصحاب في فهم الخبر المذكور على غير ذلك ، قال : « والذي يفهم من الرواية وهو الظاهر منها لفظا ومعنى أن المراد بالصفوف في الصلاة صفوف جميع الصلوات الشاملة لصلاة الجنازة وغيرها ، والمراد بصفوف الجنائز إنما هو الجنائز المختلفة إذا وضعت بين يدي الإمام للصلاة عليها ، وأن المراد خير الصفوف في الصلاة الصف المتقدم : أي ما كان أقرب إلى القبلة ، وخير الصفوف في الجنائز المؤخر : أي ما كان أبعد عن القبلة وأقرب إلى الامام ، ولما كان الأشرف في جميع المواضع متعلقا بالرجال صار كل من الحكمين سببا لسترة النساء ، لأن تأخرهن في الصفوف سترة لهن ، وتأخر جنائزهن لكونه سببا لبعدهن عن الرجال المصلين سترة لهن ، فاستقام التعليل في الخبرين وسلم الكلام عن ارتكاب الحذف والمجاز ، وصار الحكم مطابقا لما دلت عليه الأخبار ، والعجب من الأصحاب كيف غفلوا عن هذا الاحتمال الظاهر وذهبوا إلى ما يحتاج إلى تلك التكلفات البعيدة الركيكة ، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين » واستجوده في الحدائق لكن قال : إن دليل الأصحاب لا ينحصر في الخبر المزبور ، فيمكن أن يكون نص لم يصل إلينا كما في كثير من الأحكام ، بل التعليل المزبور من الفقيه كالصريح في وصول نص اليه كما لا يخفى على الممارس العارف بطريقته ، مضافا إلى ما في فقه الرضا