ثم سجد سجدتين بعد ما ينصرف يتشهد فيهما؟ قال : ليس النافلة مثل الفريضة » بل يؤيده أيضا خلو الأخبار الصحيحة وغيرها المستفيضة الواردة في مقام البيان عن الأمر بقضائه ، فإنها اقتصرت على الأمر بالسجدتين فقط ، منها قول أبي جعفر عليهالسلام (١) : « في الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة ثم ينسى فيقوم قبل أن يجلس بينهما قال : فليجلس ما لم يركع وقد تمت صلاته ، فان لم يذكر حتى ركع فليمض في صلاته ، وإذا سلم سجد سجدتين وهو جالس » ونحوه غيره ـ ضعيف جدا ، إذ ذلك كله غير صالح له ، أما الأصل فالظاهر أنه غير منطبق على ما يدعونه من التداخل بين التشهدين ، بل الأصل عدمه ، على أنك ستسمع فيما يأتي إن شاء الله اختلافهما بالكيفية ، على أن ظاهر عبارتهم المتقدمة حذف تشهد السجدتين ، وستعرف فيما يأتي وجوبه إن شاء الله ، وأما الموثق فلا دلالة فيه أيضا ، فإن قوله عليهالسلام : « يتشهد فيهما » لا ظهور فيه أنه التشهد الفائت ، فإن كان الاستناد اليه من جهة الاقتصار على ذلك الظاهر في نفي غيره فهو راجع إلى التأييد الأخير بالصحاح كما عرفت ، ومثله في ذلك الخبر الذي بعده ، وأما خلو الصحاح ففيه أنه إن سلمنا ظهوره في ذلك فهو لا يعارض النص المنجبر بما عرفت من الشهرة والإجماع ، وكلامهم بمنزلة كلام متكلم واحد يبين بعضه بعضا.
فما يظهر من بعض المتأخرين من الميل اليه لذلك فيه ما لا يخفى ، فلم يبق لهم مستند سوى ما نقل عن الفقه الرضوي (٢) قال : « وإن نسيت التشهد في الركعة الثانية فذكرت في الثالثة فأرسل نفسك وتشهد ما لم تركع ، فان ذكرت بعد ما ركعت فامض في صلاتك فإذا سلمت سجدت سجدتي السهو وتشهدت فيهما ما قد فاتك » وهو بعد تسليم حجيته لا يقاوم ما ذكرنا من الأدلة ، على أنه محتمل لأن يراد بقوله عليهالسلام :
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب التشهد ـ الحديث ١.
(٢) المستدرك ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب التشهد ـ الحديث ١.