أحواله يعتريه السهو وشغل الذهن بحيث لا يفيق إلا وهو في جزء من أجزاء الصلاة ، وجميع ما تقدم لا يعلم أنه وقع أو ما وقع ، ولا كيف وقع ، بل لعل بناء الناس في جميع أحوالهم وأمورهم على ذلك حتى الحداد في حدادته والنجار في نجارته وجميع أرباب الصنائع في صنائعهم لا يلتفتون إلى شيء بعد الانتقال عنه والدخول في غيره.
لكن في المسالك أن المفهوم من الموضع محل يصلح لإيقاع الفعل المشكوك فيه كالقيام بالنسبة إلى الشك في القراءة وأبعاضها وصفاتها ، والشك في الركوع ، وكالجلوس بالنسبة إلى الشك في السجود والتشهد ، ثم قال : « وهو في هذه الموارد جيد لكنه يقتضي أن الشاك في السجود والتشهد في أثناء القيام قبل استيفائه لا يعود اليه ، لصدق الانتقال عن موضعه ، وكذا الشاك في القراءة بعد الأخذ في الهوي ولم يصل إلى حد الراكع ، أو في الركوع بعد زيادة الهوي عن قدره ولما يصر ساجدا ، والرجوع في هذه المواضع كلها قوي ، بل استقرب العلامة في النهاية وجوب العود إلى السجود عند الشك ما لم يركع ، وهو غريب » انتهى. وهو مع كونه تقييدا للغير في النصوص من غير مقيد يقتضي وجوب تلافي التكبير بعد الشروع في القراءة ، بل وبعد تمامها قبل الركوع ، مع أنه هو ونظيره مورد القاعدة في صحيح زرارة (١) السابق (٢) ولعل الذي ألجأه إلى ذلك التعبير بالمحل في كلام بعضهم ، فالأولى حينئذ التعبير بما في الرواية ويظهر منه في الروضة وتبعه عليه بعض المتأخرين أن المراد به الأفعال المعهودة شرعا المفردة بالتبويب كالنية والتكبير والقراءة والركوع والسجود والتشهد ونحو ذلك ، فكل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ الحديث ١.
(٢) قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : « رجل شك في التكبير وقد قرأ ، قال : يمضى ، قلت : رجل شك في القراءة وقد ركع ، قال : يمضى ، قلت : شك في الركوع وقد سجد ، قال : يمضى على صلاته ، ثم قال : يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء » ( منه رحمهالله ).