من الشارع من قبيل العلم ، فينقطع أصالة عدم الإتيان بالمبرئ بها ، لأنه بأصالة العدم مع العمل بمقتضاها يدخل تحت مسمى الصلاة شرعا ، فيكون مبرئا ، بل قد يؤيده تمسك مثل العلامة في المنتهى وغيره في مقام الشك في الأركان مع كونه في المحل بأصالة عدم الفعل ، واحتمال أن ذلك منه في مقام التأييد وإلا فالعمدة الدليل بعيد ، على أنه قد يفقد الدليل ، كما لو شك بعد أن ركع هل كان قد ركع سابقا أولا ، فإن الظاهر هنا عندهم الصحة ، تمسكا بأصالة عدم وقوعه منه سابقا ، والانصاف أنه مع ذلك كله لا يخلو الأول من قوة ، بل قد يقال : إن إثبات أصالة العدم فيما نحن فيه محتاج إلى واسطة ، بخلاف أصالة عدم المبرئ ، فتقدم عليه ، بل قد يظهر من ملاحظة كلمات الأصحاب في الصور العلاجية وفي حصرهم صور الشك الصحيحة إلى الخامسة أو السادسة ونحو ذلك أن عدم جريان الأصل من المسلمات ، ولعله من هذا وشبهه بالغ الأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح في بطلان دعوى جريان الأصل حتى ادعى وضوح فسادها ، وربما يشهد له في الجملة ما سمعت من خبر زرارة (١) المشتمل على عدم نقض اليقين بالشك في حال من الحالات بناء على ما سمعته منافي غيره ، فلاحظ وتأمل جيدا ، فان كلامهم لا يخلو من اضطراب في المقام ، إلا أنه لا يخفى عليك ابتناء الفروع الكثيرة على تقدير تمشي هذا الأصل ، وثبوت أحكام لم يذكرها الأصحاب ، ولعلنا نشير إلى بعضها فيما يأتي.
لا يقال إنا وإن لم نقل بجريان الأصل لكن قد وردت روايات على مقتضاه ، فلم لم يؤخذ بها ، وهي روايات الأمر بالأخذ بالأقل ، ولا يقدح عدم الاستناد إليها في الشكوك المتقدمة ، وذلك لمكان المعارض هناك دونه في غيرها ، إذ لا يخفى على من لاحظها أنها ظاهرة في البناء على الأقل بالنسبة إلى المشكوك فيه من عدد الفريضة لا فيما إذا تجاوز الشك عددها ، وإلا لو كانت ظاهرة في ذلك لجرى مثلها في روايات الأكثر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ الحديث ٣.