ولكن قد يظهر من بعضهم المناقشة بأنه لا يتجه فيما إذا اتحد زمان الشكين ، فإنه حينئذ في الحقيقة شاك في نفس الفعل ، فيجب عليه تداركه ، وفيه أنه لا يتصور اتحاد زمان الشكين ، لكون الشك من الأمور الوجدانية ، ولا الظن بالظن ، نعم يصح تعلق العلم بالعلم في زمان واحد وبالظن أو الشك لا الظن بالظن أو الشك بالشك أو الظن بالشك أو الشك بالظن أو الظن بالعلم أو الشك به ، كما هو واضح ، وبأنه لا يتجه فيما إذا اختلف زمان الشكين ، لكنه قبل خروجه عن محل التدارك ، كما إذا شك في أثناء التشهد أنه شك قبله في السجود أولا ، إذ لا معنى حينئذ لعدم الالتفات كما هو ظاهرهم ، لكونه في الحقيقة شكا في الفعل مع بقاء محله ، فيجب عليه الإتيان به وفيه أولا أنه لا يتجه بناء على أن المحل مطلق الغير ، وثانيا هو ليس التفاتا لهذا الشك نفسه ، بل تلحقه أحكامه في الحال الثاني ، فإن كان ظانا للفعل فيه فلا يلتفت ، وإن كان ظانا للعدم أو شاكا تدارك ، إذ من الواضح أن ليس معنى قوله : « لا شك في شك » أنه لا يلتفت لحكم العلم أو الظن في حال الشك في الشك ، وثالثا قد يقال : إن المراد من عدم الالتفات إلى الشك في الشك بعد تجاوز محل الشك ، فتأمل ، وبأنه لا يتجه أيضا فيما لو شك في أنه هل شك سابقا بين الاثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع ، إذ الحكم فيه أنه إن ذهب شكه الآن وانقلب إلى اليقين أو الظن فلا عبرة به ويأتي بما تيقنه أو ظنه ، وإن استمر شكه فهو شاك في هذا الوقت بين الاثنتين والثلاث والأربع ، وفيه ما قد عرفت من أن المراد عدم الالتفات إلى الشك في الشك ، ولا يصير كالشك ، فلا مانع حينئذ من جريان كل من الظن واليقين والشك على مقتضاه ، ولا منافاة ، على أن ما ذكره لا يخلو من مناقشة تظهر مما سبق.
بل ربما أجيب عن تمام هذه المناقشة بأن مراد الأصحاب الشك في الشك حال كونه مطلقا لا مقيدا بسجدة أو تشهد أو ركعة حتى يرد ، لكنه تقييد من غير مقيد ،