عن القبلة ، وإن كان ظاهر الرواية أنه صف واحد ، وفي هذا الكلام شيء ، قلت : لعله لا انحراف فيه عن القبلة في الصف الواحد أيضا ، وإنما فيه البعد عن الجنازة لو أراد استقبال الجميع ، وصيرورة الميمنة قريبا من الخلف بل الخلف في بعض الأحوال لو قرب من الجنازة التي هي وسط الرجال ، بل لعله لا يتأتى له حصول موقف الفضيلة منها أي الوقوف على وسطها ، فإنه لا بد من انحرافه عن ذلك إذا أراد الاستقبال لكن قد يدفع ذلك كله ظاهر النص ، فيقف حينئذ عند وسط الرجال وإن خرج ميمنة الصف عن جهة الإمام ، قال الشهيد في المحكي عنه من فوائد القواعد : « يقف في وسطهم وإن خرج عن محاذاة أوله وآخره للرواية » هذا ، وفي كشف اللثام بعد أن ذكر خبر عمار والظاهر جواز جعل كل وراء آخر صفا مستويا ما لم يؤد إلى البعد المفرط بالنسبة إلى بعضهم ، وكذا جعل كل عند رجل الآخر وهكذا صفا مستويا كما قالت بهما العامة ، واحتمل المصنف في النهاية التسوية وأجمل ، وظاهر الذكرى الاقتصار على المنصوص ، ثم ظاهر النص والأصحاب جعلهم صفا واحدا ، وأجاد الشهيد حيث استظهر جعلهم صفين كتراص البناء لئلا يلزم انحراف المصلي عن القبلة إذا وقف وسطهم ، وفي نسخة بدل التعليل المزبور ليكونوا في سمت قبلة المصلي ، وهو جيد ، بل قد يظهر من نصوص (١) تقدم المرأة ما ذكره من الصورة الأولى ، كما أن الصورة الثانية محتمل مضمر سماعة (٢) فضلا عن إطلاق الأدلة فيهما خصوصا في الأولى وإن كان الأولى اجتناب الصورة الثانية ، لفوات استقبال الجنازة فيها من دون نص صريح معتبر ، كما أنه لا يخفى عليك ما في الذي استجوده من كلام الشهيد.
وكيف كان فهذه الكيفية مخالفة لما سمعته من المتن وغيره ، ويمكن لهذه النصوص تقييد ما دل على الصدر والوسط بغير التعدد ولو اثنين من صنف واحد أو مختلفين ، أما
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة الجنازة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة الجنازة ـ الحديث ٨.