وخرج منه صورتان فحسب : صورة الضرورة ، وصورة ما إذا سقطت الموقوفة عن حيّز الانتفاع فلا بدّ من الحكم بالمنع في مصاديقه المشكوكة.
وهذا بيان تامّ يظهر منه وجه ما ذكره المحقّق اليزدي رحمهالله في كتاب العروة ، المسألة ٠ ٥ ـ من كتاب النكاح حيث قال : « فإن شكّ في كونه مماثلاً أو لا ، أو شكّ في كونه من المحارم النسبية أو لا فالظاهر وجوب الاجتناب لأنّ الظاهر من آية وجوب الغضّ أنّ جواز النظر مشروط بأمر وجودي وهو كونه مماثلاً أو من المحارم ، فمع الشكّ يعمل بمقتضى العموم لا من باب التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية ... فليس التخصيص في المقام من قبيل التنويع حتّى يكون من موارد أصل البراءة بل من قبيل المقتضي والمانع » فقد صرّح بأنّ الحكم بالحرمة في صورة الشكّ ليس من باب التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة بل إنّه من باب قاعدة المقتضي والمانع ، مع أنّها ليست بحجّة ولا دليل عليها كما مرّ ، لكن يظهر بالبيان المذكور إمكان المساعدة معه في الشقّ الثاني من كلامه ، أي صورة الشكّ في كونه من المحارم ، لأنّا نستفيد من الأدلّة أنّ الطبيعة الأوّليّة في المرأة حرمة النظر خلافاً للصورة الاولى ، أي صورة الشكّ في كونه مماثلاً أو غير مماثل لأنّ طبيعة الإنسان ليست على المنع عن النظر إليه ، والنتيجة حينئذٍ أنّ الظاهر وجوب الاجتناب في الصورة الثانية لا الاولى بل المرجع في الصورة الاولى الأصل العملي وهو فيها البراءة.
ومن هنا يظهر أيضاً أنّ نسبة التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة للمخصّص إلى المشهور في مثل هذه الموارد لعلّها نسبة غير صحيحة لأنّها تكون من قبيل ما يكون طبيعته على المنع ، نظير أبواب الضمانات ونظير ما وقع مورداً للبحث والنزاع في يومنا هذا من السمكة المسمّاة بـ « اوزون برون » فلو فرض عدم إحراز الفلس لها وشككنا في كونها ذا فلس أم لا قلنا : يستفاد من الأدلّة أنّ طبيعة حيوان البحر على المنع من أكله وخرج منه السمك إذا كان له فلس ، أي إذا أحرز له الفلس ، وأمّا الصورة المشكوكة فالقاعدة تقتضي حرمة الأكل فيها.
فثبت ممّا ذكر أنّ الحقّ هو ما ذهب إليه أكثر المحقّقين المتأخّرين من عدم جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة للمخصّص إلاّفي الموارد التي تكون طبيعة الحكم فيها على المنع.
ثمّ إنّ شيخنا العلاّمة الأنصاري رحمهالله قد فصّل في المقام بين ما إذا كان المخصّص لفظيّاً وما إذا كان لبّياً ، فعلى الأوّل لا يجوز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة دون الثاني ، مثلاً إذا قال