المشكوك في حكم الماء المطلق ويدخل مشكوك العدالة في حكم معلوم العدالة ، وربّما يؤيّد ذلك بما ورد من صحّة الإحرام قبل الميقات والصّيام في السفر إذا تعلّق بهما النذر ، لأنّه إذا صحّ الإحرام قبل الميقات والصّوم في السفر بالنذر مع القطع ببطلانهما بدون النذر فصحّة الوضوء بالمائع المشكوك بالنذر مع الشكّ في بطلانه بدون النذر بطريق أولى.
وأجاب المحقّق الخراساني رحمهالله وغيره من الأعلام عن هذا بما حاصله : إنّ الحكم الثابت بالعناوين الثانويّة هل يكون مطلقاً أو يكون مقيّداً؟ فإن كان مقيّداً كما إذا كان وجوب الوفاء بالنذر مقيّداً برجحان متعلّقه ، أي كان أحد الأحكام المتعلّقة بالأفعال بعناوينها الأوّليّة مأخوذاً في موضوع الحكم الثابت بالعناوين الثانويّة فلا يجوز التمسّك بعموم وجوب الوفاء بالنذر مثلاً لأنّ الحكم لا يثبت موضوع نفسه ، بل لابدّ من إحراز الموضوع قبل تعلّقه ، وإن كان الحكم مطلقاً ، أي كان الوفاء بالنذر مثلاً واجباً مطلقاً سواء كان متعلّقه راجحاً أو كان حراماً ، فحينئذٍ يقع التزاحم بين أدلّة المحرّمات وأدلّة الوفاء بالنذر ، وتصل النوبة إلى الرجوع إلى المرجّحات ، وعند عدمها يكون الحكم التخيير ، وبعبارة اخرى : إنّ التمسّك بعموم « اوفوا » مثلاً فرع إحراز رجحان المتعلّق ، فلو أحرز رجحانه وصحّته بعموم « أُوفوا » لزم الدور وهذا واضح.
أقول : هيهنا نكات ينبغي الالتفات إليها :
الاولى : أنّه كان ينبغي أن يستشكل في الصورة الاولى من المسألة ، أي صورة التقييد ، بأنّ التمسّك بعموم اوفوا بالنذر وكذلك التمسّك بعموم أدلّة سائر العناوين الثانويّة يكون من قبيل التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة للمخصّص في العناوين الأوّليّة ، فابتلى المتوهّم هنا بذلك الإشكال الذي مرّ بيانه فهو كرّ على ما فرّ منه.
الثانية : أنّه في الصورة الثانية وهي صورة عدم التقييد لا أقلّ من الانصراف ، أي انصراف أدلّة الوفاء بالنذر إلى صورة الرجحان ، ومع الغضّ عن الانصراف لا أقلّ من عدم الإطلاق والإجمال.
الثالثة : أنّ ما جاء به في كلامه من المؤيّدين في بابي الإحرام والصّيام يقع البحث فيهما من جهات :
الجهة الاولى : من جهة عدم رجحان للمتعلّق فيهما.