للطلب الحقيقي أو لإنشاء مطلق الطلب ولو لم يكن بداعي الطلب الحقيقي كما إذا صدر بداعي التعجيز أو التهديد؟
واستدلّ لوضعها لإنشاء مطلق التخاطب بوجهين :
أحدهما : أنّه كذلك في أشباهها ونظائرها كأداة النداء وضمائر التخاطب فإنّها موضوعة لإنشاء مطلق التخاطب ولايقاع مجرّد المخاطبة سواء كان مع المخاطب الحقيقي أو التنزيلي.
الثاني : أنّ الوجدان حاكم على أنّ في مثل « ياكوكباً ما كان أقصر عمره » الذي ليس المخاطب فيه حقيقيّاً لعدم كونه حاضراً ملتفتاً ـ ليس هناك تجوّز في أداة الخطاب أصلاً بل هي مستعملة في معناها الحقيقي من إنشاء النداء والخطاب ، فليس فيها عناية ولا مجاز بالنسبة إلى أداة الخطاب ، ثمّ قال ما حاصله : أنّ هذا كلّه فيما إذا لم تكن قرينة في البين توجب الانصراف إلى الخطاب الحقيقي كما هو الحال في حروف الإستفهام والترجّي والتمنّي وغيرها ، وفي نهاية الأمر قال ما حاصله : أنّ هذا الظهور الانصرافي ناشٍ عن عدم قرينة تمنع عن الانصراف المزبور ، وإلاّ إذا كان هناك ما يمنع عن الانصراف إلى المعاني الحقيقيّة كما يمكن دعوى وجوده غالباً في كلام الشارع فلا تختصّ هذه الأداة بالخطاب الحقيقي.
أقول : يرد عليه :
أوّلاً : أنّه قال : إن كان الموضوع له هو الخطاب الحقيقي فلا يشمل المعدومين ، بينما لا إشكال في الشمول على فرض الوجود كما مرّ.
ثانياً : أنّه قال : إن كان الموضوع له هو الخطاب الإنشائي فيشمل المعدومين ، بينما لا إشكال أيضاً في عدم الشمول على فرض العدم.
ثالثاً : لو فرضنا عدم شمول الخطاب للمعدومين فلا ضير فيه ، لأنّه لا ريب في شمول التكليف لهم لوجود أدلّة الاشتراك في التكليف ، ولا حاجة في ثبوت التكليف إلى توجيه الخطاب إليهم ولا ملازمة بين الأمرين.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني رحمهالله قال : إنّ القضايا الخارجيّة مختصّة بالمشافهين ولا تشمل الغائبين والمعدومين ، وأمّا القضايا الحقيقيّة فالظاهر أنّ الخطابات فيها عامّة.
واستدلّ له بأنّ توجيه الخطاب إلى الغائب لا يحتاج إلى أكثر من تنزيله منزلة الحاضر ، وكذلك بالنسبة إلى المعدوم فينزّل منزلة الموجود ، ثمّ قال : هذا المعنى هو مقتضى طبيعة القضيّة الحقيقيّة.