المتعقّبة بالاستثناء إمّا أن يكون بتعدّد خصوص موضوعاتها أو بتعدّد خصوص محمولاتها أو بتعدّد كليهما ، وعلى الأوّلين فإمّا أن يتكرّر ما بتعدّده تعدّد القضيّة في الكلام أو لا يتكرّر فيه ذلك ، فالأقسام خمسة ، أمّا القسم الأوّل ، أعني به ما تعدّدت فيه القضيّة بتعدّد موضوعاتها ولم يتكرّر فيه عقد الحمل كما إذا قيل : « أكرم العلماء والأشراف والشيوخ إلاّ الفسّاق منهم » فالظاهر فيه رجوع الاستثناء إلى الجميع ، لأنّ القضيّة في مثل ذلك وإن كانت متعدّدة صورة إلاّ أنّها في حكم قضية واحدة قد حكم فيها بوجوب إكرام كلّ فرد من الطوائف الثلاث إلاّ الفسّاق منهم ، فكأنّه قيل : أكرم كلّ واحد من هذه الطوائف إلاّمن كان منهم فاسقاً ، وأمّا القسم الثاني ، أعني به ما تعدّدت فيه القضيّة بتعدّد موضوعاتها مع تكرّر عقد الحمل فيه كما إذا قيل : « أكرم العلماء والأشراف وأكرم الشيوخ إلاّ الفسّاق منهم » فالظاهر فيه رجوع الاستثناء إلى خصوص الجملة المتكرّر فيها عقد الحمل وما بعدها من الجمل لو كانت لأنّ تكرار عقد الحمل في الكلام قرينة على قطع الكلام عمّا قبله ، وبذلك يأخذ الاستثناء محلّه من الكلام ، فيحتاج تخصيص الجمل السابقة على الجملة المتكرّر فيه عقد الحمل إلى دليل آخر مفقود على الفرض ، وأمّا القسم الثالث والرابع ، أعني بهما ما تعدّدت فيه القضيّة بخصوص تعدّد محمولاتها مع تكرّر عقد الوضع في أحدهما وعدم تكرّره في الآخر فيظهر الحال فيهما ممّا افيد في المتن ، وأمّا القسم الخامس ، أعني به ما تعدّدت القضيّة فيه بكلّ من الموضوع والمحمول كما إذا قيل : « أكرم العلماء وجالس الأشراف إلاّ الفسّاق منهم » فالظاهر فيه رجوع الاستثناء إلى خصوص الأخيرة ويظهر الوجه فيه ممّا تقدّم » (١).
أقول : يرد عليه :
أوّلاً : أنّ المتّبع في باب الألفاظ هو الظهور العرفي ، وهو يختلف باختلاف المقامات ولا يقبل الاستدلال المنطقي ، وحينئذٍ لو قامت قرينة أوجبت ظهور الكلام في الرجوع إلى الجميع أو إلى الأخيرة فهو ( سواء تكرّر عقد الحمل أو لم يتكرّر ) وإلاّ فيصير الكلام مجملاً مبهماً يؤخذ بالقدر المتيقّن وهو الرجوع إلى الأخيرة.
وثانياً : أنّ المحقّق النائيني رحمهالله وتلميذه المحقّق المقرّر له كلاهما اتّفقا على ظهور العمومات
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٩٧.