سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا ) (١) هذا بالنسبة إلى معناه اللغوي ، وأمّا بالنسبة إلى الباري تعالى فقد وردت روايات كثيرة تدلّ على أنّ البداء في أمر الله من الامور المسلّمة التي يترادف الاعتقاد به الاعتقاد بالتوحيد ، ونحن نشير هنا إلى عدد منها :
١ ـ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهماالسلام قال : « ما عبدالله عزّوجلّ شيء مثل البداء » (٢).
٢ ـ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « ما عظّم الله عزّوجلّ بمثل البداء » (٣).
٣ ـ ما رواه مرازم بن حكم قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : « ما تنبّأ نبي قطّ حتّى يقرّ لله تعالى بخمس : بالبداء والمشيئة والسجود والعبوديّة والطاعة » (٤).
٤ ـ ما رواه زرارة ومحمّد بن مسم عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « ما بعث الله نبيّاً قطّ حتّى يأخذ عليه ثلاثاً : الإقرار لله بالعبوديّة وخلع الأنداد وأنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء » (٥) إلى غير ذلك.
وبالجملة لا إشكال في أصل ثبوت البداء ، إنّما الكلام في تفسيره ، وقد يفترى على الشيعة الإماميّة بأنّهم يعتقدون بأنّ البداء في الله هو أن يظهر له ما كان مجهولاً له ، أي أنّ البداء ظهور الشيء بعد الخفاء وحصول العلم به بعد الجهل ، أو أنّه بمعنى الندامة ، مع أنّ هذا إفك عظيم وتهمة واضحة وشطط من الكلام لا يقول به من فهم من الإسلام شيئاً ، ولذا أنكر علماؤنا ذلك من الصدر الأوّل إلى اليوم خصوصاً الأكابر منهم كالشيخ الصدوق والشيخ المفيد رحمهما الله ، ورواياتنا أيضاً تدلّ على امتناع هذا المعنى على الله ، مثل ما رواه أبو بصير وسماعة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « من زعم أنّ الله عزّوجلّ يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرؤوا منه » (٦).
فما هو التفسير الصحيح للبداء؟
إنّ معنى البداء الذي نحن نعتقده مبنيّ على آيتين من سورة الرعد ، وهما قوله تعالى : ( لِكُلِ
__________________
(١) سورة الجاثية : الآية ٣٣.
(٢) بحار الأنوار : ج ٤ ، باب البداء والنسخ ، ح ١٩.
(٣) المصدر السابق : ح ٢٠.
(٤) المصدر السابق : ح ٢٣.
(٥) المصدر السابق : ح ٢٤.
(٦) المصدر السابق : ح ٣٠.