وكيف كان ، فالإنصاف في المسألة بطلان ما نسب إليهم وأنّ الصحيح كون الشياع مستفاداً من مقدّمات الحكمة وذلك لوجهين :
أحدهما : التبادر فإنّ المتبادر من إطلاق اسم الجنس مثل لفظ الإنسان مثلاً صرف الطبيعة مجرّدة عن سريانها في أفرادها ، وكذلك في النكرة كقولك « رأيت إنساناً ».
ثانيهما : أنّ الوضع يستلزم المجاز فيما إذا استعمل المطلق في المقيّد نحو « جئني برجل عالم » مع أنّه خلاف الوجدان.
وأمّا « مقدّمات الحكمة فما هي؟ » فاختلفت كلمات الأصحاب في تعدادها فقيل أنّها أربعة :
أحدها : كون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد ثانيها : عدم بيان القيد ، ثالثها : عدم الانصراف ، رابعها : عدم وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب.
والمحقّق الخراساني رحمهالله جعلها ثلاث مقدّمات بادغام المقدّمة الثالثة في الثانية. بقوله :
« ثانيها انتفاء ما يوجب التعيين » فإنّ الانصراف أيضاً ممّا يوجب التعيين كالقيد كما لا يخفى.
وحذف المحقّق النائيني رحمهالله المقدّمة الأخيرة ( وهي عدم وجود القدر المتيقّن ) فالمقبول من المقدّمات الأربعة عنده اثنتان : إحديهما : كون المتكلّم في مقام البيان ، ثانيهما : انتفاء ما يوجب التعيين ، لكنّه أضاف إليهما مقدّمة اخرى وهي أن يكون متعلّق الحكم أو موضوعه قابلاً للتقييد ، وهو ناظر فيها إلى التقسيمات اللاحقة عن الأمر كانقسام الواجب إلى ما يقصد به امتثال أمره وما يقصد فيه ذلك وإنقسام المكلّف إلى العالم والجاهل بالحكم ، فحيث إنّه لا يمكن مثلاً تقييد متعلّق الأمر بقصد الأمر على رأيه لما هو معروف من إشكال الدور لا يمكن الأخذ بإطلاقه أيضاً.
وهنا مذهب آخر يستفاد من كلمات شيخنا الحائري في الدرر وهو حذف المقدّمة الاولى أيضاً ، فاللازم البحث عن كلّ واحد من هذه المقدّمات الخمسة حتّى يعلم ما يصحّ اعتباره وما لا يصحّ.
فنقول : أمّا المقدّمة الاولى : فهي لازمة بالوجدان حيث إن الوجدان أقوى شاهد على عدم صحّة الأخذ بإطلاق كلام المولى إذا لم يكن في مقام بيان تمام المراد ، فإذا قال مثلاً ، « اشتر لي ثوباً » أو « اشتر أثاثاً للبيت » فلا يصحّ للعبد أن يشتري من السوق لباساً أو أثاثاً أيّاماً كان ويتمسّك عند الاحتجاج بإطلاق كلامه ، نعم إذا شكّ في أنّ المتكلّم هل كان في مقام بيان تمام