المراد أو لا؟ فإنّ الأصل هو كونه بصدد بيان تمام المراد كما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله وغيره ، فيكون كونه في مقام الإجمال والإهمال أمراً استثنائياً خلاف الأصل.
لكن شيخنا الحائري رحمهالله خالف في ذلك في درره ( بعد قبوله في صدر كلامه ) وإليك نصّ بيانه : « أنّ المهملة مردّدة بين المطلق والمقيّد ولا ثالث ، ولا إشكال أنّه لو كان المراد المقيّد يكون الإرادة متعلّقة به بالأصالة وإنّما ينسب إلى الطبيعة بالتبع لمكان الاتّحاد ، فنقول : لو قال القائل « جئني بالرجل » أو « برجل » يكون ظاهراً في أنّ الإرادة أوّلاً وبالذات متعلّقة بالطبيعة لا أنّ المراد هو المقيّد ثمّ أضاف إرادته إلى الطبيعة لمكان الاتّحاد ، وبعد تسليم هذا الظهور تسري الإرادة إلى تمام الأفراد وهذا معنى الإطلاق » (١).
أقول : توضيح كلامه : أنّ الطبيعة المهملة لا تخلو في الواقع من حالتين ، فإمّا هي مطلقة ، أو مقيّدة لعدم الإهمال في مقام الثبوت ، فإن كان المراد في الواقع مطلقاً فهو المطلوب ، وإن كان مقيّداً فيستلزم كون تعلّق الحكم والإردة بالمطلق تبعيّاً مع أنّ المولى إذا قال : « اعتق رقبة » ولم يقيّده بقيد المؤمنة فإنّ ظاهره أنّ الإرادة تعلّقت بطبيعة الرقبة استقلالاً ، وهذا الظهور يسري إلى تمام الأفراد ، وهذا هو معنى الإطلاق.
لكن يرد عليه أمران :
الأوّل : ( وهو العمدة ) ، أنّ حديث الأصالة والتبعيّة في الإرادة يتصوّر في لوازم الماهيّة كالزوجيّة بالنسبة إلى الأربعة فإنّه إذا تعلّقت الإرادة بالأربعة تتعلّق بالزوجيّة تبعاً ، ولا يتصوّر في ما نحن فيه حيث إن طبيعة الرقبة المهملة في المقام متّحدة مع الرقبة المقيّدة بقيد المؤمنة في الخارج فليست إحديهما لازمة للُاخرى كما لا يخفى.
الثاني : ما مرّ من أنّه خلاف الوجدان ، فلا يأخذ عبد بإطلاق كلام مولاه إذا لم يكن في مقام البيان.
أمّا المقدّمة الثانية : ( وهي عدم بيان القيد ) فإنّ لزومها من الواضحات حيث إن المفروض في جواز التمسّك بالإطلاق وعدمه عدم وجود قيد بالنسبة إلى الجهة التي نحاول التمسّك بإطلاق الكلام فيها ، ولذلك لم يتكلّم حولها في عباراتهم ولم ينكر اعتبارها أحد.
__________________
(١) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٢٣٤ ، طبع جماعة المدرّسين.