تنبيهات
التنبيه الأوّل : أنّه من أين ثبت صغرى الكبرى المذكورة في الصورة الثانية؟ والثالثة أي من أين يحرز وحدة الحكم وتعدّده؟ فنقول : يمكن استفادة الوحدة من عدّة قرائن :
منها : أن تكون الحكمين معلّقين على شرط واحد ، نحو « إن ظاهرت فاعتق رقبة » و « إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة ».
ومنها : الإجماع كما أنّه ثابت في مثال صلاة الظهر المتقدّم.
ومنها : ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله وهو مبني على امور ثلاثة نذكرها ملخّصاً :
الأوّل : أن يكون الحكم في كلّ من المطلق والمقيّد مرسلاً أو معلّقاً على شيء واحد.
الثاني : أن يكون كلّ من التكليفين إلزامياً وإلاّ لم يكن موجب لرفع اليد عن إطلاق المطلق بحمله على المقيّد منهما ، والوجه في ذلك هو أنّه إذا كان الحكم المتعلّق بالمقيّد غير إلزامي جاز مخالفته فلا يكون منافاة حينئذٍ بينه وبين إطلاق متعلّق الحكم الآخر.
الثالث : أن يكون متعلّق كلّ من الخطابين صرف الوجود الذي ينطبق قهراً على أوّل وجود ناقض للعدم (١).
وحاصل الكلام في الأمر الثالث أنّه إذا كان مطلوب المولى صرف الوجود للرقبة مثلاً أي رقبة كانت ، ثمّ كان مطلوبه أيضاً الرقبة المؤمنة ، فلا مناصّ حينئذٍ من التقييد كما هو ظاهر.
التنبيه الثاني : ( وهو كثير الابتلاء في الفقه ) في أنّ المشهور أنّ المطلق الوارد في المستحبّات لا يحمل على المقيّد بل الدليل المقيّد يحمل على سلسلة مراتب المحبوبيّة وتعدّد المطلوب ، نحو ما إذا ورد مثلاً دليل على استحباب قراءة القرآن مطلقاً ، وورد دليل آخر على استحباب قراءته مع الطهارة ، ودليل ثالث على استحباب قراءته بالترتيل أو مستقبل القبلة ، أو ورد في باب صلاة الليل روايات تدلّ على استحبابها ووردت أيضاً رواية تأمر بإتيانها في الثلث الآخر من الليل ، ورواية اخرى تأمر بالقنوت في صلاة الوتر أوّلاً وبالدعاء لأربعين مؤمناً ثانياً وبالاستغفار سبعين مرّة وطلب العفو ثلاثمائة مرّة ثالثاً ، ونحوه أيضاً أنّه وردت روايات تدلّ على استحباب زيارة الحسين عليهالسلام ثمّ وردت روايات تدلّ على إستحبابها في خصوص ليلة
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٥٣٧ ـ ٥٣٩.