الإخبار عن الله تعالى ، والتالي باطل إجماعاً ، ووجه الملازمة أنّ حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد.
والصحيح في الجواب عنه ( كما سيأتي في مبحث خبر الواحد ) أنّه قياس مع الفارق ، لأنّ التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن الله تعالى ملازم لدعوى النبوّة ، وهي من اصول الدين ، التي تحتاج إلى دليل قطعي.
وأمّا الثاني : فهو أنّ جواز التعبّد بالظنّ موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر مثلاً بحلّيته حراماً وبالعكس.
أقول : كلامه هذا مبهم يحتاج إلى مزيد توضيح فنقول : إنّ تحليل الحرام أو تحريم الحلال اللازم من جواز التعبّد بالظنّ يستبطن بنفسه محاذير خمسة عقليّة :
أحدها : اجتماع النقيضين في صورة عدم إصابة الظنّ بالواقع ، واجتماع المثلين في صورة الإصابة ، وهذا بالنسبة إلى نفس الحكم.
ثانيها : اجتماع الضدّين في نفس المولى في صورة الخطأ وهو اجتماع الإرادة والكراهة لأنّ الأمر ينشأ من الإرادة والنهي ينشأ من الكراهة وهذا يكون بالنسبة إلى مبادىء الحكم.
ثالثها : اجتماع الضدّين من المصلحة والمفسدة في صورة الخطأ ، ويكون بالنسبة إلى متعلّق الحكم.
رابعها : التكليف بما لا يطاق ، لأنّ الحكم الواقعي يكلّف الإنسان بالفعل في مفروض الكلام ، والظاهري يكلّفه بالترك مثلاً ، والأمر بهما يستحيل على الحكيم الخبير.
خامسها : الإلقاء في المفسدة وتفويت المصلحة في صورة الخطأ.
ولا يخفى أنّ جميع هذه المحاذير مبني على بقاء الحكم الواقعي في مورد الأمارة على قوّته كما هو الصحيح لأنّ ارتفاع الحكم الواقعي يستلزم التصويب الباطل عندنا.
ولقد حاول جميع العلماء بعد ابن قبّة رفع هذه المحاذير ، وكلّ سلك في حلّها طريقاً خاصاً ، وهذا هو الذي يسمّى عندهم بمسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي.
ومن الطرق طريق المحقّق الخراساني رحمهالله ، ومنها ثلاث طرق ذكرها في درر الفوائد التي حكى اثنين منها من استاذه السيّد السند المحقّق الفشاركي رحمهالله ، ومنها طريق المحقّق النائيني رحمهالله وطريق سادس ذكره في تهذيب الاصول ، وهيهنا طريق سابع يستفاد من كلمات شيخنا الأنصاري رحمهالله وهو المختار.