الخارج وهو المتعلّق للحبّ والبغض والإرادة والكراهة وفيه المصلحة والمفسدة لا في الذهن ، وهو ( أي ما في الخارج ) يكون واحداً لا اثنين ، وحينئذٍ يستلزم اجتماع الإرادة والكراهة في محلّ واحد ، كما أنّ المفسدة والمصلحة أيضاً متعلّقهما هو الخارج ، وهما لا يجتمعان في شيء واحد خارجي ، وقد مرّ نظير هذا الكلام في مبحث اجتماع الأمر والنهي ، وأجبنا عنه بهذا الجواب.
وثانياً : من ناحية قوله : « أنّ صلاة الجمعة بشرط لا بالنسبة إلى الانقسامات السابقة وبشرط شيء بالنسبة إلى الانقسامات اللاحقة ».
فيرد عليه : أنّ متعلّق الأحكام الواقعيّة كما أنّها لا تتقيّد بوجود الانقسامات اللاحقة فلا تكون بالنسبة إليها بشرط شيء ، كذلك لا تقبل التقييد بالنسبة إلى عدمها ، فلا تكون بشرط لا بالنسبة إليها أيضاً ، بل أنّها من قبيل اللاّبشرط المقسمي ، فيمكن أن يكون ذات الموضوع ( وهو عنوان الصّلاة مثلاً ) ملحوظة في مرتبة تعقّل العنوان المتأخّر ( وإن لم يمكن ملاحظة العنوان المتأخّر في مرتبة تعقّل ذاته ) فيجتمع العنوانان في اللحاظ فلا تعقل المبغوضيّة في الرتبة الثانية مع محبوبيّة الذات.
فبهذا يظهر أنّ ما ذكره أيضاً لا يكفي في حلّ مشكلة التضادّ لا في الخارج ولا في الذهن.
٣ ـ ما نسبه أيضاً في الدرر إلى المحقّق الفشاركي رحمهالله وهو « أنّ الأوامر الظاهريّة ليست بأوامر حقيقية بل هي إرشاد إلى ما هو أقرب إلى الواقعيات ، وتوضيح ذلك : ـ على نحو يصحّ في صورة انفتاح باب العلم ولا يستلزم تفويت الواقع من دون جهة ـ أن نقول : إنّ انسداد باب العلم كما أنّه قد يكون عقليّاً كذلك قد يكون شرعياً ، بمعنى أنّه وإن أمكن للمكلّف تحصيل الواقعيات على وجه التفصيل لكن يرى الشارع العالم بالواقعيات أنّ في التزامه بتحصيل اليقين مفسدة ، فيجب بمقتضى الحكمة دفع هذا الالتزام عنه ، ثمّ بعد دفعه عنه لو أحاله إلى نفسه يعمل بكلّ ظنّ فعلي من أي سبب حصل ، فلو رأى الشارع بعد أن صار مالك أمر المكلّف إلى العمل بالظنّ أنّ سلوك بعض الطرق أقرب إلى الواقع من بعض آخر فلا محذور في إرشاده إليه ، فحينئذٍ نقول : إمّا اجتماع الضدّين فغير لازم لأنّه مبني على كون الأوامر الطرقيّة حكماً مولويّاً ، وأمّا الإلقاء في المفسدة وتفويت المصلحة فليس بمحذور بعد ما دار أمر المكلّف بينه وبين الوقوع في مفسدة أعظم » (١).
__________________
(١) درر الفوائد : ج ٢ ، ص ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، طبع جماعة المدرّسين.