المكلّفين ولا بعدم قيام الأمارة على خلافها ، ولها آثار عقليّة وشرعيّة يترتّب عليها عند لاعلم بها أو قيام أمارة حكم الشارع بوجوب البناء على كون مؤدّاها هو الواقع ، نعم هذه ليست أحكاماً فعلية بمجرّد وجودها الواقعي » ( انتهى ملخّصاً ).
فالمستفاد من كلامه هذا بل عصارة بيانه في المقام أمران :
أحدهما : وجود مصلحة في سلوك الأمارة يتدارك بها فقدان المصلحة الواقعيّة في صورة الخطأ.
ثانيهما : أنّ الحكم الواقعي الفعلي ينقلب إنشائيّاً إذا قامت أمارة معتبرة على خلافه ما ـ دام لم ينكشف خلافها.
أقول : يمكن أن يكون المراد من المصلحة السلوكيّة في كلامه هو مصلحة التسهيل وعدم لزوم الحرج الشديد واختلال النظام من اعتبار حصول القطع في صورة الإنفتاح واعتبار الاحتياط التامّ في صورة الانسداد بل عدم لزوم رغبة الناس عن الدين الحنيف وخروجهم من الدين أفواجاً ، وإن شئت فاختبر ذلك بالعمل بالقطع يوماً وليلة واحدة ، لا تأكل إلاّ الحلال القطعي ولا تلبس ولا تشرب ولا تسكن إلاّذلك ، ولا تصلّي إلاّفي الحلال والطاهر الواقعيين ، ولا تعتمد على سوق مسلم ولا على يده ولا غير ذلك من الأمارات الظنّية.
ولا يخفى أنّه ترتفع بهاتين النكتتين جميع المحاذير المتوهّمة في الأحكام الظاهريّة :
أمّا المحذور الأوّل ( وهو لزوم اجتماع الضدّين أو المثلين ) فلأنّه لا منافاة بين الحكم الفعلي والإنشائي ، والمراد من الإنشائي ما يكون فيه مصلحة أو مفسدة لكن يمنع عن فعليته وعن صدور البعث أو الزجر مانع أو مصلحة أقوى.
وأمّا المحذور الثاني ( أي لزوم اجتماع المصلحة والمفسدة في متعلّق واحد ) فلأنّه لا مصلحة في متعلّق الأمارة حتّى يلزم اجتماع المصلحة والمفسدة في محلّ واحد.
وأمّا المحذور الثالث ( أي لزوم اجتماع الإرادة والكراهة في متعلّق واحد ) فأوّلاً : إنّ المتعلّق للإرادة والكراهة متعدّد ، فإحديهما متعلّقة بالفعل والاخرى متعلّقة بنفس السلوك لا بمتعلّق الأمارة ، وثانياً : لو سلّمنا كون المتعلّق واحداً إلاّ أن إحديهما تقع تحت شعاع الاخرى فتسقط عن الفعليّة وترجع إلى مقام الإنشاء لأنّ المفروض أنّ مصلحته أعمّ.
وأمّا الرابع ( أي لزوم التكليف بما لا يطاق ) فلأنّه إنّما يلزم فيما إذا كان الحكم الواقعي أيضاً