ومنها : ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر ، وإن أخطأ خرّ أبعد من السماء » (١).
وغير ذلك من بعض روايات الباب الثالث عشر من أبواب صفات القاضي (٢).
والجواب عن هذا الوجه مبني على بيان معنى التفسير والرأي الواردين في هذه الرّوايات وأنّهما هل يشملان العمل بالظواهر أو لا؟
أمّا كلمة التفسير ففي القاموس : « الفسر والتفسير الإبانة وكشف المغطّى ، والتفسير هو نظر الطبيب إلى الماء فإنّ الطبيب بنظره إلى الماء وهو البول يكشف عن نوع المرض ».
وفي مفردات الراغب « الفسر إظهار المعنى المعقول ، والتفسير قد يقال في ما يختصّ بمفردات الألفاظ وغريبها وما يختصّ بالتأويل ولذا يقال تفسير الرؤيا وتأويلها ».
وفي لسان العرب : « الفسر كشف المغطّى والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل ، قيل التفسيرة ( على وزن التذكرة ) البول الذي يستدلّ به على المرض ».
فبناءً على هذا المعنى ينحصر تفسير القرآن ببطونه وبمتشابهاته ، ولا يشمل الأخذ بظواهر الآيات نظير قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) و ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) وقوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) كما لا يخفى.
وأمّا معنى الرأي فالظاهر منه هو الآراء الباطلة التي لا أساس لها.
ففي مفردات الراغب : « الرأي اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظنّ » وليس المراد من الظّن إلاّ الآراء والظنون الباطلة كما يشهد به الرّوايات :
منها : ما روي عن الحسن بن علي العسكري عليهالسلام في تفسيره بعد كلام طويل في فضل القرآن قال : « أتدرون من المتمسّك به الذي له بتمسّكه هذا الشرف العظيم؟ هو الذي أخذ القرآن وتأويله عنّا أهل البيت عن وسائطنا السفراء عنّا إلى شيعتنا لا عن آراء المجادلين وقياس الفاسقين » (٣).
ومنها : ما رواه عمّار بن موسى عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سئل عن الحكومة فقال : « من
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ٦٦ ، الباب ١٣ ، من أبواب صفات القاضي.
(٢) وهي : ح ٦٤ و ٤٣.
(٣) المصدر السابق : ح ٦٣ ، من الباب ٣ ، من أبواب صفات القاضي.