حكم برأيه بين اثنين فقد كفر ، ومن فسّر آية من كتاب الله فقد كفر » (١).
فالمراد من الرأي على ضوء مثل هاتين الروايتين هو قول العامّة : بأنّ هذا ممّا لا نصّ فيه فليتمسّك بذيل القياس أو الاستحسان.
الوجه الثاني : الرّوايات الناهيّة عن العمل بالمتشابهات بتقريب أنّ الظواهر من المتشابهات لأنّ المحكمات منحصرة في النصوص.
منها : ذيل ما رواه علي بن الحسين المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه نقلاً عن التفسير النعماني عن إسماعيل بن جابر عن الصادق عليهالسلام : « وإنّما هلك الناس في المتشابه لأنّه لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلاً من عند أنفسهم بآرائهم واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء ونبذوا قول رسول الله صلىاللهعليهوآله وراء ظهورهم » (٢).
ومنها : ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : « نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله » (٣).
ومنها : ما رواه عبدالرحمن بن كثير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « الراسخون في العلم أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة من ولده » (٤).
والجواب عن هذا الوجه واضح لأنّ المتشابه ( كما مرّت الإشارة إليه في ذيل الطائفة الثامنة من الرّوايات الدالّة على حجّية ظواهر الكتاب ) هو ما يتشابه بعضه بعضاً ، أي ما يشابه فيه أحد احتمالين احتمالاً آخر وبالعكس ، ولذلك يوجب الحيرة للإنسان فيصير مجملاً ومبهماً ، وإلاّ ما لم يكن فيه تشابه بين الاحتمالين بل كان أحدهما ظاهراً والآخر مخالفاً للظاهر فلا يكون متشابهاً حتّى يكون داخلاً في هذه الرّوايات.
والشاهد على ذلك ما مرّ من ذيل رواية إسماعيل بن جابر : « لأنّهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلاً من أنفسهم بآرائهم » وهو يعني أنّ المتشابه ما لا يفهم الإنسان معناه ، ولذلك يرى نفسه مضطراً إلى أن يأوّله من عند نفسه ، وهذا لا يكون صادقاً في
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ٦٧ ، الباب ٣ من ابواب صفات القاضي.
(٢) المصدر السابق : ح ٦٢ ، الباب ١٣ ، من أبواب صفات القاضي.
(٣) المصدر السابق : ح ٥٣.
(٤) المصدر السابق : ح ٧.