العمل بالظواهر والمطلقات والعمومات لأنّ المعنى فيها مفهوم واضح.
هذا مضافاً إلى ما ورد في ذيل آية المحكم والمتشابه وهو قوله تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ) حيث لا يخفى أنّ العمل بالظواهر لا يكون فيه ابتغاء الفتنة ، بل الفتنة تنشأ من ناحية اتّباع الذين في قلوبهم المرض أحد الاحتمالين ، وهو يصدق في ما ليس له ظهور أو ما يخالف الظهور.
الوجه الثالث : روايات تدلّ على أنّ للقرآن مفاهيم عالية لا تصل إليها الأيدي العادية والأفهام القاصرة للناس ، ولذلك لا ظهور لها بالنسبة إليهم.
منها : ما رواه عبدالعزيز العبدي عن أبي عبدالله عليهالسلام في قول الله عزّوجلّ : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال : « هم الأئّمة عليهمالسلام » (١).
ومنها : ما رواه أبو بصير قال : قرأ أبو جعفر عليهالسلام هذه الآية : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) ثمّ قال : « أما والله يا أبا محمّد ما قال ما بين دفّتي المصحف » قلت :
من هم جعلت فداك؟ قال : « من عسى أن يكونوا غيرنا » (٢).
ومنها : ما رواه أبو بصير أيضاً قال سمعت أبا جعفر يقول في هذه الآية : « ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) فأوى بيده إلى صدره » (٣).
ومنها : ما رواه سدير عن أبي عبدالله عليهالسلام في حديث قال : « علم الكتاب كلّه والله عندنا علم الكتاب كلّه والله عندنا » (٤).
ومنها : ما رواه الطبرسي في التفسير الصغير عن الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : ( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) قال : « إيّانا عنى وعلي أوّلنا » (٥).
والجواب عن هذا الوجه أنّ المقصود من هذه الرّوايات أنّ للقرآن بطوناً في مقابل الظواهر ، والمختصّ بالأئمّة هي تلك البطون خاصّة لا الظواهر ، ولنا على هذا شواهد من نفس الرّوايات :
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ١٠ ، الباب ١٣ ، من ابواب صفات القاضي.
(٢) المصدر السابق : ح ١١.
(٣) المصدر السابق : ح ٩.
(٤) المصدر السابق : ح ١٦.
(٥) المصدر السابق : ح ٥٨.