الظهور في الأحكام باقية على حجّيتها.
وقد اجيب عن هذا الوجه في كلمات بعض الأعاظم بأنّ جميع آيات القرآن داخلة في محلّ الابتلاء في العمل بناءً على ما هو المشهور من لزوم قراءة سورة كاملة في الركعتين الأوّليين من كلّ صلاة ، ولو وقع التحريف في سورة لا يصحّ قراءتها في الصّلاة لعدم كونها كاملة سواء كان المحتوى فيها من الأحكام أم غيرها ، وإذن يصير كلّ سورة من سور القرآن محلاً للابتلاء في العمل فيؤثّر العلم الإجمالي أثره من عدم الحجّية.
كما يمكن إثبات دخول جميع القرآن في موضع الابتلاء من طرق اخرى أيضاً كاعتبار الطهارة في مسّها سواء كانت من الأحكام أم غيرها.
أقول : الإنصاف هو عدم الاعتماد بشيء من هذه الوجوه ، وذلك لأنّ أصالة حجّية الظواهر ليست من الاصول التعبّديّة بل هي كأصالة الحقيقة من الاصول العقلائيّة الطريقيّة التي استقرّ عليها بناء العقلاء من باب أنّها طريق لكشف الواقع لا من باب مجرّد التعبّد ، وحينئذٍ لابدّ من ملاحظة بناء العقلاء في المقام وأنّه هل هو ثابت على حجّية ظواهر كتاب حتّى بعد وقوع التحريف فيها أو لا؟ الإنصاف أنّ بناءهم لم يستقرّ عليها في هذه الصورة من دون فرق بين كونها داخلة في محلّ الابتلاء وعدمه ، ومن دون فرق بين أن يترتّب عليها أثر شرعي أو لا يترتّب.
والحقّ في الجواب أن نقول : أنّ الطوائف العشرة الدالّة على لزوم الأخذ بظواهر كتاب الله التي مرّت سابقاً لا تدعونا إلاّ إلى العمل بهذا القرآن الموجود في أيدي المسلمين ، وتلاوة آيات هذا القرآن الذي وصل إلينا من عهد أمير المؤمنين عليهالسلام والصادقين عليهماالسلام سواء قلنا بتحريفه بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله في مدّة قصيرة قبل جمعه في عهد عثمان أو لم نقل به كما هو الحقّ ، وسيأتي تفصيله إن شاء الله ، لأنّه لا يقول أحد بوقوع التحريف بعد جمع عثمان إلى زماننا هذا.
وبالجملة لو فرضنا وقوع التحريف فيه وعدم بناء العقلاء على حجّية كتاب محرّف فلا كلام ولا إشكال في حجّية القرآن الموجود بأيدينا شرعاً وإنّا مأمورين بالعمل به بمقتضى تلك الرّوايات الكثيرة.
هذا كلّه في كبرى الوجه السادس من الوجوه التي استدلّ بها لعدم حجّية ظواهر القرآن الكريم ، أمّا الصغرى ( وهي صغرى وقوع التحريف ) فلا بدّ من البحث فيه بحثاً لا يكون فيه اقتصار مخلّ ولا تطويل مملّ فنقول ومن الله التوفيق والهداية :