الظاهر بمقدار المعلوم بالإجمال ، ومع الانحلال لا إجمال.
وإن شئت قلت : إنّ دائرة المعلوم بالإجمال ليست مطلق الأمارات حتّى يقال ببقاء احتمال التخصيص ونحوه حتّى بعد الظفر بمخصّصات ونحوها فيما بأيدينا من الرّوايات وغيرها ، بل خصوص ما لو تفحّصنا عنه لظفرنا به ، وهذا العلم الإجمالي يمنع عن التمسّك بالظواهر قبل الفحص لا بعده ، فبعد الفحص إذا لم يظفر بما يخالف ظاهر الكتاب من تخصيص أو تقييد أو قرينة مجاز يكون ذلك الظاهر ممّا علم خروجه تفصيلاً عن أطراف الشبهة ، فلا مانع حينئذٍ من إجراء أصالة الظهور فيه.
الوجه السادس : ما يبتني على مزعمة تحريف القرآن ، وهو أن يقال : إنّا نعلم إجمالاً بوقوع التحريف في الكتاب ، وكلّ ما وقع فيه التحريف يسقط ظهوره عن الحجّية ، فظواهر كلام الله تسقط عن الحجّية.
وهو باطل صغرى وكبرى ، ونقدّم البحث عن الكبرى لاختصاره ، فنقول : سلّمنا وقوع صغرى التحريف في الكتاب لكنّه لا يوجب المنع عن حجّية ظواهر القرآن الكريم ، وذلك لُامور :
الأوّل : أنّ التحريف على فرض وقوعه لا يوجب التغيير في المعنى دائماً كالتحريف بإسقاط آية أو سورة لا إرتباط لها بما قبلها وما بعدها.
الثاني : أنّ محلّ الكلام هو آيات الأحكام ، ودواعي التحريف فيها ضعيفة ، وإنّما الدواعي في ما له ربط بسياسياتهم أعني مسألة الولاية والحكومة ، فتأمّل.
الثالث : أنّه لو فرضنا وجود العلم الإجمالي بالتحريف في مجموع الآيات من الأحكام وغيرها لكنّه غير ضائر بحجّيتها لكونه من موارد الشبهة غير المحصورة أي من قبيل العلم الإجمالي بالقليل في الكثير وهو لا يوجب الإحتياط على ما قرّر في محلّه.
الرابع : سلّمنا كون الشبهة محصورة ، وأنّ العلم الإجمالي في المقام من قبيل العلم بالكثير في الكثير إلاّ أنّه لا يوجب أيضاً عدم حجّية الظواهر لأنّه من موارد عدم ترتّب أثر شرعي على بعض أطراف العلم الإجمالي لو كان المعلوم بالإجمال محقّقاً فيه ، فإنّ الخلل المعلوم بالإجمال إن كان في ظواهر غير آيات الأحكام من القصص والحكايات والاعتقادات والأخلاقيات لم يؤثّر شيئاً لعدم تكليف شرعي عملي فيها وليست هي أحكاماً تعبّديّة بل إنّها إرشادات إلى عدّة من الأحكام العقليّة ، وإن كان في ظواهر آيات الأحكام فهو شكّ بدوي فتكون أصالة