وهي تدلّ على أنّ خصوصيّات الناسخ والمنسوخ وشبهها عند الأئمّة عليهمالسلام فقط ، وهذا ردّ على الذين استغنوا بآرائهم عن مسألتهم ، ولا يشمل من يعمل بظواهر الكتاب ويأخذ المشكلات من أهله ، ولا أقلّ من أنّ هذا طريق الجمع بينها وبين ما دلّ على ارجاع الناس عموماً إلى القرآن الكريم.
فالمراد من قوله في رواية قتادة : « إنّما يعرف القرآن من خوطب به » هو معرفة تفسير البطون والأسرار والمتشابهات ، كما يشهد عليه صدرها : « بلغني أنّك تفسّر القرآن » وقد عرفت أنّ التفسير عبارة عن كشف المغطّى ، وكما يشهد عليه أيضاً ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام في احتجاجه على زنديق سأله عن آيات متشابهة من القرآن فأجابه ـ إلى أن قال ـ : « ثمّ إنّ الله قسّم كلامه ثلاثة أقسام فجعل قسماً منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسماً لا يعرفه إلاّمن صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وقسماً لا يعلمه إلاّ الله وملائكته والراسخون في العلم ، وإنّما فعل ذلك لئلاّ يدّعي أهل الباطل المستولين على ميراث رسول الله صلىاللهعليهوآله من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم ، وليقودهم الاضطرار إلى الايتمام بمن ولّي أمرهم فاستكبروا عن طاعته » (١).
هذا كلّه في الصغرى.
وأمّا الكبرى فلما مرّ في جواب كلام المحقّق القمّي رحمهالله من عدم اختصاص حجّية الظواهر بالمقصودين بالإفهام وأنّ بناء العقلاء استقرّ على الأعمّ منهم.
الوجه الخامس : أنّ ظاهر الكتاب وإن لم يكن ذاتاً مندرجاً في المتشابه لكنّه مندرج فيه بالعرض ، فسقط عن الظهور ، وذلك لأجل العلم الإجمالي بطروّ التخصيص والتقييد والتجوّز في الكتاب.
واجيب عن هذا الوجه بجوابين : أحدهما : بالنقض ، والآخر بالحلّ ، أمّا الأوّل فبالنقض بالإخبار فلا بدّ من القول بعدم حجّية ظواهرها أيضاً.
وأمّا الثاني فبأنّ سببية العلم الإجمالي ( بإرادة خلاف الظاهر في جملة من الآيات ) للإجمال مشروطة بعدم انحلاله بالظفر في الرّوايات بالمخصّصات وغيرها من موارد إرادة خلاف
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ٤٤ ، الباب ١٣ ، من أبواب صفات القاضي.