وردت في عدّة منها كانت قياسات ظنّية مبتنية على آرائه الشخصية ، كما أنّ قياس إبليس أيضاً كان قياساً ظنّياً مبنيّاً على حدسه ورأيه وعدم اعتنائه إلى قوله تعالى في حقّ آدم : ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ).
أضف إلى جميع ذلك ضرورة المذهب فإنّه لم ينقل جواز القياس من أحد من الإماميّة إلاّ من ابن الجنيد في أوائل إستبصاره وذلك لأجل ما بقى له من الرسوبات الذهنية من قبل الاستبصار.
ثمّ إنّه قد يستدلّ برواية أبان المعروفة لعدم حجّية القطع الحاصل من القياس أيضاً لأنّه كان قاطعاً كما يشهد عليه استعجابه وقوله في جواب الإمام عليهالسلام : « سبحان الله يقطع ثلاث ... » (١) إلى آخر قوله.
ولكن فيه أوّلاً : أنّه لا دلالة فيها على كونه قاطعاً بالحكم ، نعم يظهر منها أنّه كان مطمئناً به.
وثانياً : سلّمنا كونه قاطعاً لكن لا تدلّ الرّواية على المنع عن العمل بالقطع بل أن الإمام أزال قطعه ببيان الفرق بين ديّة المرأة بالنسبة إلى الثلث وما بعده.
وأمّا النقاش فيها من حيث السند فليس تامّاً لأنّها وردت من طريقين لو أمكن الإشكال في أحدهما لإبراهيم بن هاشم فلا يمكن الإشكال في الآخر لأنّ رجاله كلّهم ثقات ، مضافاً إلى أنّ إبراهيم بن هاشم أيضاً من الثقات بلا إشكال.
وقال بعض الأعلام : « أنّ ظهورها في المنع عن الغور في المقدّمات العقليّة لاستنباط الأحكام الشرعيّة غير قابل للإنكار بل لا يبعد أن يقال : إنّه إذا حصل منها القطع وخالف الواقع ربّما يعاقب على ذلك في بعض الوجوه » (٢).
وفيه : أنّا نمنع عن ذلك ، لأنّ كلام الإمام عليهالسلام يرجع إلى أمرين : أحدهما : أنّه حصل له القطع بلا وجه ، ولو تأمّل في المسألة لما كاد أن يحصل له ، ثانيهما : أنّ الإمام عليهالسلام أزال قطعه حيث قال : « مهلاً يا أبان : هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الديّة فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست محق الدين ».
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٩ ، الباب ٤٤ ، من أبواب ديّات الأعضاء ، ص ٢٦٨.
(٢) الاصول العامّة : ص ٣٢٧ ، نقلاً عن دراسات في الاصول العمليّة : ص ٢٩.