تقيس؟ قال : نعم أنا أقيس ، قال : لا تقس فإنّ أوّل من قاس إبليس حين قال : « خلقتني من نار وخلقته من طين » (١).
فقد اعترض إبليس على الله تعالى بأنّ ملاك وجوب السجدة على آدم موجود فيه بطريق أولى فقد توهّم باستنباطه الفاسد وقياسه الكاسد أنّ أصله وهو النار أشرف من أصل آدم وهو الطين بل الحمأ المسنون ولم يتوجّه إلى الروح الإلهي الذي نفخه الله في آدم.
وفي طائفة اخرى منها : تذكر مصاديق من أحكام الله التي تنفي القياس وتبطله ومن جملتها ما رواه ابن شبرمة قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمّد عليهالسلام فقال لأبي حنيفة : اتّق الله ولا تقس في الدين برأيك فإنّ أوّل من قاس إبليس ( إلى أن قال ) : « ويحك أيّهما أعظم قتل النفس أو الزنا قال : قتل النفس قال : فإنّ الله عزّوجلّ قد قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلاّ أربعة ، ثمّ أيّهما أعظم الصّلاة أم الصّوم؟ قال : الصّلاة ، قال : فما بال الحائض تقضي الصّيام ولا تقضي الصّلاة؟ فكيف يقوم لك القياس؟ فاتّق الله ولا تقس » (٢).
وفي طائفة ثالثة منها : « أنّ أمر الله لا يقاس » فمنها : ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « في كتاب آداب أمير المؤمنين عليهالسلام لا تقيس الدين فإنّ أمر الله لا يقاس وسيأتي قوم يقيسون وهم أعداء الدين » (٣).
إلى غيرها من الرّوايات التي قد يمكن جمع بعضها تحت عنوان واحد آخر غير ما ذكر (٤).
إن قلت : أنّ العمل بهذه الرّوايات يستلزم حرمة العمل بالقياس بأقسامه الأربعة والتالي باطل إجماعاً.
قلنا : أوّلاً : إنّ العمل في الأقسام الثلاثة الاخر لا يكون حقيقة إلاّعملاً بنفس السنّة ومفاد النصّ واللفظ فهي لا تتجاوز عن حدّ التسمية بالقياس ، وأمّا حقيقة فليس شيء منها من القياس.
وثانياً : يتعيّن بنفس الرّوايات معنى القياس الوارد فيها ، لأنّ قياسات أبي حنيفة التي
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة : ح ٢٤.
(٢) المصدر السابق : ح ٢٥.
(٣) المصدر السابق : ح ٣٦.
(٤) وقد وردت روايات كثيرة في هذا المجال في بحار الأنوار : ج ٢ ، باب البدع والرأي والمقاييس فراجع.