الإنسان بعمل الله تعالى فيلزم الدور المحال.
وثانياً : أنّ مورد الآية خارج عن محلّ النزاع لأنّ حكم العقل بأنّ من قدر على بدأ خلق الشيء قادر على أن يعيده حكم قطعي لا ظنّي فإنّ حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد.
ومنها : قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) بتقريب أنّ العدل هو التسوية والقياس هو التسوية بين مثلين في الحكم فيتناوله عموم الآية.
وهذا أيضاً واضح الفساد فإنّ العدل هو القيام بالقسط وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه كما يظهر من العرف واللغة ولا ربط له بالقياس الظنّي.
هذا كلّه في الآيات التي استدلّ بها لجواز القياس.
أمّا الرّوايات ، فقد حكيت روايات من طرقهم في هذا المجال أهمّها :
مرسلة معاذ بن جبل أنّه قال لمّا بعثه النبي صلىاللهعليهوآله إلى اليمن قال : « كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال : أقضي بكتاب الله قال : فإن لم تجد في كتاب الله. قال : فبسنّة رسول الله قال : فإن لم تجد في سنّة رسول الله ولا في كتاب الله. قال : أجتهد رأيي ولا آلو ، قال فضرب رسول الله صلىاللهعليهوآله صدره وقال : الحمد لله الذي وفّق رسول الله لما يرضاه رسول الله » (١).
قوله : « لا آلو » أصله « لا أَأْلو » بمعنى لا أترك.
وفيه : أنّه قابل للمناقشة سنداً ودلالة ، أمّا السند فلأنّها مرسلة مضافاً إلى ضعفها من ناحية الحارث بن عمر.
وأمّا الدلالة فتقريب دلالتها : أنّ الظاهر كون الاجتهاد فيها بمعنى تقنين الفقيه وتشريعه من دون الإتّكاء على كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله لأنّ المفروض أنّ الاجتهاد بالرأي فيها يكون بعد عدم ورود الكتاب والسنّة وهو شامل للقياس بإطلاقه.
لكن يرد عليه : أنّ شمول الاجتهاد لمطلق القياس أوّل الكلام.
وما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله « من أنّه قال لمعاذ وأبي موسى الأشعري : بم تقضيان؟ فقالا : إن لم
__________________
(١) الاصول العامّة : ص ٣٣٨ ؛ ومسند أحمد : ج ٥ ، ص ٢٣٠.